حسين ديبان
/
Nov 14, 2005
وكأنَ ألف وأربعمائة عام ويزيد لاتكفي، من شرعتهم الدمويَة، وجرائمهم العنصريَة، ومركبات نقصهم البدويَة، وهتكهكم للأعراض وإستباحتهم للحرمات، برعاية نصوصهم الغير مقدسة من ماملكت أيمانهم الى من وهبت نفسها له، وكأنَ كل ما إرتكبوه من جرائم بإسم هذا الدين وتحت لواء نصوصه لا يكفي، فقد أطلوا علينا ثانية بشعارهم العنصري البغيض الإسلام هو الحل، فأيُ حل يبتغيه هؤلاء الرعاع المجرمين من وراء طرحهم لهذا الشعار؟ أهو حل للشعوب؟ وهذا مايستبعده المضمون الفاشي الإستقصائي الإستئصالي للشعار الذي يريد أن يفرض دينا معينا وشرعة بعينها على عشرات الملل والنحل والأديان التي يعتنقها ملايين من سكان المنطقة الغير مسلمين هذا بالطبع اذا سلمنا افتراضا بأن المسلمين من سكان هذه المنطقة لديهم الرغبة بالعودة الى أو العمل بهكذا دستور أو نصوص وهو افتراض غير عملي وغير إنساني لا يأخذ بالحسبان أن الكثير مما يحسبونهم مسلمين ذنبهم الوحيد أنهم قدموا الى هذه الدنيا من أبوين مسلمين وربما هذين الأبوين مسلمين بالوراثة أيضا ولم يعرفوا بانهم مسلمين إلا من خلال بطاقات الهوية العنصرية التي ميزت بين الناس؟ أم أنهم يريدون بطرح هذا الشعار حلا لهم، ذلك لأنه بغير هذا الشعار وبغير تلك النصوص العنصرية والفاشية التي يتكئ عليها هذا الشعار ماكان ليجد هؤلاء الهمج المبرر الذي يبررون به جرائمهم منذ فجر الإسلام والتي لن تتوقف أكيداً حتى مغيبه.
بالتأكيد أنهم ماكانوا ليطرحوا هذا الشعار إلا ليكون حلا ومبررا لهم لشرعنة جرائمهم، فلولا هذا الشعار وهذه النصوص ماكان نبي الإسلام وملهمهم الأول ليتمكن من إقناع ملايين الجهلة بأن الفتح يختلف عن الغزو، وبأن الجزية تختلف عن السرقات التي يقوم بها اللصوص، والأتاوات التي يفرضها الشقاوات وقطاع الطرق المجرمين، وبأن ملك اليمين يختلف عن إستعباد الناس وهتك أعراضهم، وبأن الزواج من الأطفال ليس إغتصابا للطفولة وجريمة كبرى يجب أن يحاسب عليهاولايلغيها تقادم القرون والسنين، كما وأن العمل المشرعن بالنصوص على تطليق زوجة الإبن ليتزوجها الأب من بعده لا يشكل انتهاكا للعادات والتقاليد والأعراف، حتى لو كان هذا الإبن إبنا بالتبني ، كما وأن قتل الآخر المختلف مسيحيا أو يهوديا أو مجوسيا أو أيَا كان ليس جريمة يحاسب عليها القانون، بل تنفيذا للقانون ـ قانونهم ـ وبأن سبيَ النساء غير اختطافهن، وبأن إله خفيَ لاوجود له أجدر بالعبادة من أصنام القبائل، وهو ـ أي النبي ـ إنما يفعل كل ذلك هو وصحبه الغر الميامين إرضاء لهذا الإله، وإستجابة لرغباته، وتعبدا له.
ولأن ما أطلق عليهم بالصحابة من بعده ما كان لهم أن يحكموا سيطرتهم على الناس لولا الإستعانة بهذا الحل السحري بعد أن أخذوا يضيفون عليه ماصار يعرف بالسنة النبوية، فيما لو غفل القرآن عن أيَ أمر قد يساعدهم على تحقيق مآربهم وغاياتهم الإجرامية، ويكون عونا لهم في حل المشكلات التي ستعترض طريقهم، فهذا أبو بكر ((الصديق)) قد احتاج الى الإسلام لحل مشكلة المعترضين على حكمه، وكذريعة يبرر بها حربه التي شنها على هؤلاء المعارضين تحت شعار ((الردة)) وماكانوا بمرتدين بل معارضين لأبو بكر، بعد أن تقبلوا محمد بالتجهيل حينا وبالسيف أحيانا، فأبو بكر ليس نبيا كما ادعى محمد عن نفسه، كما وأن أبو بكر ليس بأجدر الناس الذين إجتمعوا ليناقشوا أمرهم بعد رحيل محمد، أم هي وراثة الصاحب لصاحبه والإبن لأبيه:
أطعنا رسول الله ما كان بيننا
فيا لعباد الله ما لأبي بكر؟
أيورثها بكرا إذا مات بعده
فتلك لعمر الله قاصمة الظهر
ومن بعد أبو بكر احتاج عمر بن الخطاب الى القرآن ليستخرج من بين ثناياه العهدة العنصرية الشهيرة، ليذل الناس المختلفين دينيا، ويتحكم بمصائرهم، ويتدخل بشؤونهم، ويسرق أموالهم، كما احتاج لنصوص الإسلام عثمان ((نعثل)) وأبناء عمومته، ليفرضوا سيطرتهم على البلاد والعباد قبل أن يقتل وبتحريض علني من عائشة التي حولوها إلى مخلوق مستعد لفعل أي شيئ، بسبب الظروف الرهيبة والإغتصاب المشرعن الذي تعرضت له في طفولتها، ليأتي الخليفة الرابع علي الذي احتاج لذكرى محمد بوصفه مؤسسا ونبيا للإسلام، ليستمد منه الشرعية الوراثية من خلال روابط الدم التي جمعته بمحمد.
واحتاج الى الإسلام من بعدهم كل الحكام الجائرين المجرمين، الذين أطلقوا على أنفسهم لقب أمراء المؤمنين، ومن والاهم من حكام الولايات والبلدان، ليقتلوا المعارضين لحكمهم وجبروتهم بإسم الله، ويحرقوا بحجة الإرتداد العلماء أصحاب الفكر الذين لم تنطلي عليهم أكاذيب وشعوذات وهرطقات ونصوص دموية سميت قرآنا وسنة نبوية، فكان هؤلاء الحكام يجيشون عامة الجهلاء ليقنعوهم بالترهيب والترغيب أن هذا العالِم الذي قتل أو سيقتل هو كافر ومارق وزنديق:
صفونا..صفا..صفا
الأجهر صوتا والأطول، وضعوه في الصف الأول
ذو الصوت الخافت والمتواني، وضعوه في الصف الثاني
أعطوا كلا منا دينارا من ذهب قاني
براق لم تلمسه كف من قبل
قالوا: صيحوا زنديق كافر! صحنا زنديق كافر!
قالوا: صيحوا فليقتل، إنا نحمل دمه في رقبتنا
قالوا: امضوا.. فمضينا
الأجهر صوتا والأطول يمضي في الصف الأول
ذو الصوت الخافت والمتواني يمضي في الصف الثاني (تصوير لمآساة الحلاج لصلاح عبد الصبور).
وإلى أيامنا هذه مازال الإسلام هو الورقة الرابحة لحكام هذا الزمان ومن والاهم ومن على شاكلتهم، من ربيبي الحركات الإجرامية الفاشية التي أطلقت على نفسها أسماء اسلامية من الإخوان المجرمين واللادنيين والزرقاويين، الذين يلقون كل الحب والتشجيع، من جمهور دموي، بسبب التعاليم الدموية التي تربى عليها هذا الجمهور، في خضم أكبر وأطول عملية تجهيل وتزييف جماعية بدأها محمد بن عبدالله قبل ألف وأربعمائة عام ومازالت مستمرة حتى اليوم، وهاهم الأخوان المجرمون يطلقون هذا الشعار في سبيل الوصول الى السلطة، ليتاح لهم حينها تنفيذ تلك الشرائع العنصرية.
إن الإسلام لن يكون حلا إلا لمن ينادي به ليكون عونا ومبررا له ليقتل ويحرق ويعتقل ويكمم الأفواه، ويسرق أموال الناس وخيرات البلاد، أما إذا أردنا حلا لمشاكل البلاد والعباد، وتنظيم علاقاتهم مابين بعضهم ومع حكوماتهم، فعلينا بدستور لا علاقة له بأي دين من قريب أو بعيد، دستور ينظر الى الناس جميعا بوصفهم بشرا متساوين في الحقوق والواجبات، بدون تقسيمات وتصنيفات عنصرية، لها علاقة بالدين والعرق واللون والجنس، دستور يختار فيه الناس من يحكمهم، لا أن يفرض عليهم حكاما أفاقين ومجرمين وقتلة مفوضين من الله بكل شيئ عدا الرحمة والعدل والإنصاف.
حسين ديبان
hdiban69@yahoo.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط