بسام درويش
/
May 09, 2002
تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً نبأ انتقاد الحكومة الأميركية للسلطات السعودية بسبب تشجيعها لحملات التبرع بالأموال لذوي الإرهابيين الذين قاموا بتفجير أنفسهم في عمليات انتحارية استهدفت المدنيين الإسرائيليين.
مسؤولون في الحكومة الأمريكية اعتبروا أن دعم السلطات السعودية لحملات التبرع يتعارض مع إعلانها السابق عن إدانتها للإرهاب ومع ما أعلنته عن عزمها على العمل مع المجتمع الدولي لأجل مكافحة هذا الإرهاب بكل أشكاله.
ومن جهة أخرى، تم مؤخراً اعتقال أفراد مسلمين كما أُغلقت مكاتب لمنظمات إسلامية بعد أن وجهت لهم تهمة القيام هنا، في الولايات المتحدة، بجمع التبرعات للإرهابيين، تحت ستار العمل الخيري.
*********
قيام الحكومة الأمريكية بحجز ممتلكات بعض المنظمات "الخيرية" هنا على أرض الولايات المتحدة، وقيام بعض الدول الأخرى في العالم بالأمر نفسه، هو أمرُ يشبه إغلاق ثقب واحد في نافذة منخلية تحوي مئات الآلاف من الثقوب. فإذا اعتقدت هذه الحكومة والعالم معها، أن هذه المنظمات أو الجمعيات أو المؤسسات، هي البؤر الرئيسية التي تزود الإرهاب الإسلامي بالدعم المالي، فإنها باعتقادها هذا على خطأ عظيم جداً.
إنه ليس سراً يُعلن حين نقول أن الإسلام هو دولة ودينٌ، وليس ديناً فقط. المسلمون لا ينكرون ذلك ويعلنونه على الملأ، والعالم أيضاً لا يجهل ذلك. لكن، يبدو واضحاً أن العالم لم يفقه بعد المعنى الحقيقي لكون الإسلام دولةً وديناً. ما لم يفهمه العالم بعد، هو أن المسلمَ جنديٌّ في دولة الإسلام، يحمل معه علم دولته على ظهره أينما رحل وأينما حلّ، فما أن يستقر بمكانٍ، حتى يبدأ بنبش التراب وحفر الأساس لتثبيت دعائم هذه الدولة.
الغربيون لم يُعيروا الإسلامَ اهتماماً كبيراً إلاّ بعد جريمة الحادي عشر من أيلول، واهتمامهم به كان لغاية التعرّف على ماهيّة تعاليمه التي يمكن أن تدفع بحفنة من أتباعه إلى ارتكاب مجزرة على هذه البشاعة بحق آلاف الأبرياء من الناس. وهكذا، فإنّ تدافع الناسِ على التعرّف على الإسلام، لم يكن بالتأكيد لصالح الإسلام كما حاولت الدعاية الإسلامية جاهدة أن تصوّره. لم يعد هناك بعد الحادي عشر من أيلول أميركي يجهل دعوة الإسلام إلى محاربة كل من لا يؤمن به ديناً. لم يعد هناك أميركي يجهل نظرة الإسلام إلى المرأة. ولم يعد هناك أميركي لا يعرف ما يعتقد المسلمون بأنهم حاصلون عليه في الجنة كمكافأة لهم على قتلهم لغير المسلمين. لقد أصبح الغربيون خبراء حتى في سيرة محمد الشخصية لدرجة أصبح فيها طلاب المدارس الابتدائية يعرفون أن نبي الإسلام تزوج طفلة بعمرهم حين كان هو في الخامسة والخمسين من عمره.
لقد تزايد الإقبال على دراسة الإسلام وخاصة من قبل المسؤولين في الحكومة الأميركية ومجالسها التشريعية بعد أن اتضح بأن الخطر الحقيقي يكمن في تعاليمه. أما عن تصريحات بعض المسؤولين التي سمعناها ولا زلنا نسمعها بين الفينة والأخرى بأن الإرهابيين لا يمثلون تعاليم الإسلام، فليست في الحقيقة إلا عبارات جوفاء لا يؤمنون بها، لا بل يضحك لسماعها المسلمون أنفسهم.
لكن، حين نسمع الضجة التي تُثار حول حملات التبرعات في السعودية، والتي تجمع فيها الأموال لصالح الفلسطينيين أو غيرهم، فإننا نعرف آنذاك مقدار سطحية معلومات المسؤولين في الحكومة الأمريكية والإعلام الأمريكي عن الإسلام.
******
حين يُعَرِّفُ المسلمون بدينهم فإنهم يبدأون بالحديث دائماً عن أركانه الخمسة المعروفة، وهي الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج؛ ولكنهم يتجاهلون الركن الحقيقي الذي قامت ولا زالت تقوم عليه دعائم الإسلام وهو الجهاد. رغم ذلك، فإن أحد هذه الأركان الخمسة، هو بحد ذاته ركن من أركان الجهاد الأساسية التي يستمد منها أهم ما هو بحاجة إليه، ألا وهو الدعم المالي.
هذا الركن، هو ركن الزكاة.
وقبــل أن نتوسّــع في الحديث عن الزكــاة، يَحســنُ أن نعرّف القـارئ بشـكل مختصر على معنى الأركــان الخمسة، وحرصاً على الأمانـة في التعريـف، فإننا نقتبس التعريف حرفيــاً من أحد المواقـع الإســلامية المعروفة على الإنترنت Al-Islam.com
******
الشهادتان: تعني الإقرار بأن الله هو المألوه وحده المعبود على الحقيقة، والتصديق بما جاء به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والعمل بما جاء به الله ورسوله..
الصلاة: الصلة بين العبد وربه، وعماد الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وهي التي تميز بين المسلم والكافر.
الزكاة: الركن الثالث من أركان الإسلام، وقد فرضت لتؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء، ولها أنواع عديدة، وثمانية مصارف حددها القرآن لتصرف فيها.
الصيام: من أركان الإسلام، قد فرض الله صيام شهر رمضان على المسلمين، وحث على صيام التطوع في غير رمضان لما في ذلك من الأجر الكبير
الحج: من أركان الإسلام، وفرضٌ على المسلم القادر، ومن مقاصده اجتماع الحجيج من مختلف أنحاء الأرض في صعيد واحد يؤدون فريضة واحدة طاعة لربهم ملتمسين غفرانه ورحمته متطهرين، معبرين عن وقوفهم واتحادهم وتمسكهم بحبل الله المتين وصراطه المستقيم.
******
أما الآن، وبعد هذا التعريف الموجز بالأركان الخمسة، لنعد إلى الركن الثالث منها وهو ركن الزكاة موضوع حديثنا لهذا اليوم.
لقد جاء تعريف الزكاة على موقع "الإسلام"، بأنه فريضة مالية تؤخذ من الأغنياء وتُعطى للفقراء، وأن لهذه الزكاة ثمانية مصارف حددها القرآن لتُصرَف فيها. فما هي هذه المصارف؟..
يذكر المصدر، أن مصارف الزكاة الثمانية هي: مصرف الفقراء. مصرف المساكين. مصرف العاملين على الزكاة. مصرف المؤلفة قلوبهم. مصرف الرقاب. مصرف الغارمين. مصرف سبيل الله. ومصرف ابن السبيل.
ويتوسّع المصدر المذكور في شرح هذه المصارف:
فقه مصرف "الفقراء"
"هم أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفي لسد حاجاتهم الأساسية على ما جرت به العادة والعرف.
وهم من لا يملكون مالا ولا كسبًا حلالاً، عند جمهور الفقهاء، أو يملكون ما هو دون النصاب الشرعي للزكاة عند الحنفية، وهم أسوأ حالاً من المساكين، وقيل عكسه."
فقه مصرف "المساكين"
"هم أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفي لسد حاجاتهم الأساسية، على ما جرت به العادة والعرف، وهم من يملك أو يكتسب من الكسب اللائق ما يقع موقعا من كفايته، ولكن لا تتم به الكفاية، عند جمهور الفقهاء، أو من لا يملك شيئا، عند أبي حنيفة، وهم أسوأ حالا من الفقراء عند الحنفية والمالكية، وعكسه عند الشافعية والحنابلة."
هنا تجدر الإشارة إلى أن الشرع لا يجيز مساعدة الفقراء غير المسلمين من أموال الزكاة. وقد جاء على "الشبكة الإسلامية" islamweb.net قسم مركز الفتوى بإشراف د. عبد الله الفقيه، ما يلي:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من تعطى لهم الزكاة قد حصروا في ثمانية أصناف فقط، قد بينت في قوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم.." [التوبة: 60].
ومَن دفعَ الزكاة للفقراء من يهود ونصارى باعتبار أنهم من صنفي الفقراء والمساكين، فإن فعله غير جائز وذمته لم تبرأ، لأن الزكاة لا تدفع لكافر، ما لم يكن من المؤلفة قلوبهم، (أي الذين يُرَغَّبون بدخول الإسلام والذين يسهّلون على أصحاب الدعوة المسلمين مهمتهم. وبعبارة أخرى: الرشوة لشراء قلوب الناس) فيجوز دفعها له، والدليل على عدم الإجزاء المتقدم ما رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"، وضمير الجمع في أغنيائهم وفقرائهم يعود على المسلمين."
فقه مصرف "العاملين على الزكاة"
"العاملون على الزكاة" هم كل من يقوم بعمل من الأعمال المتصلة بجمع الزكاة وتخزينها وحراستها وتدوينها وتوزيعها.
فقه مصرف (المؤلفة قلوبهم)
أ ـ مصرف المؤلفة قلوبهم هو أحد المصارف الثمانية للزكاة وهو من التشريع المحكم الذي لم يطرأ عليه نسخ، (نسخ تعني: إلغاء أو إبطال) وهذا مذهب الجمهور، ولا يمنع الغنى من الصرف إلى المؤلفة قلوبهم.
ب ـ من أهم المجالات التي يصرف عليها من هذا السهم ما يأتي:
المُرَغَّبون في الإسلام: وذلك بتأليف من يرجى إسلامه، أو تأثيره في إسلام من فيه صلاح المسلمين. (وبعبارة أخرى شراء الناس وخاصة أولئك الذين يمكن أن يكون إسلامهم لفائدة المسلمين)
المُرَغَّبون لنصرة المسلمين: وذلك بتأليف أصحاب النفوذ من الحكام والرؤساء ونحوهم من الأفراد أو الجهات للإسهام في تحسين ظروف الجاليات والأقليات الإسلامية ومساندة قضاياهم، أو بتأليف أصحاب القدرات الفكرية والإسلامية لكسب تأييدهم ومناصرتهم لقضايا المسلمين، (وبعبارة أخرى تقديم البرطيل للمسؤولين والقادة لكي يسهّلوا لدعاة الإسلام ومن ذلك الصرف في الكوارث لغير المسلمين إذا كان ذلك يؤدي إلى تحسين النظرة للإسلام والمسلمين. (وهذا يعني بأن المسلمين لا يقدمون العون لغير المسلمين في أوقات الكوارث كخدمة إنسانية بل لتحسين النظرة إلى الإسلام والمسلمين.)
المهتدون للإسلام ممن لم يمض عليهم في الإسلام سنة، وكانوا بحاجة إلى المؤازرة في ظروفهم الجديدة ولو لغير النفقة، وذلك بإعطائهم مباشرة أو بإيجاد المؤسسات العلمية والاجتماعية لرعايتهم وتثبيت قلوبهم على الإسلام وتوفير كل ما يمكّنهم من إيجاد المناخ المناسب معنويا وماديا لحياتهم الجديدة. (وهذا ما يشرح أسباب عودة الكثيرين من سود أميركا عن الإسلام بعد أن يتوقف الدفع لهم)
ج ـ يراعى في الصرف من هذا السهم الضوابط التالية:
ـ أن يكون محققا للمقاصد ووجوه السياسة الشرعية بحيث يتوصل به إلى الغاية المنشودة شرعا.
ـ أن يكون الإنفاق بقدر لا يضر بالمصارف الأخرى، وأن لا يتوسع فيه إلا بمقتضى الحاجة.
ـ أن تتوخى الدقة والحذر في أوجه الصرف، لتفادي الآثار غير المقبولة شرعا أو ما قد يكون له ردود فعل سيئة في نفوس المؤلفة قلوبهم وما يعود بالضرر على الإسلام والمسلمين.
د - ينبغي استخدام الوسائل والأسباب المتقدمة الحديثة والمشاريع ذات التأثير الأجدى واختيار الأنفع والأقرب لتحقيق المقاصد الشرعية من هذا المصرف.
مصرف الرقاب:
نظرًا إلى أن مصرف "الرقاب" ليس موجودًا في الوقت الحاضر فإنه ينقل سهمهم إلى بقية مصارف الزكاة حسب رأي جمهور الفقهاء ويرى البعض أنه ما زال قائم بالنسبة لأسرى الجنود المسلمين.
فقه مصرف الغارمين
"الغارمون" هم المَدينون ويدخل في مفهوم هذا المصرف من يلي:
أ ـ المدينون لمصلحة شخصية لا يُستغنى عنها، وذلك بالشروط التالية:
1 ـ أن لا يكون الدين ناشئا عن معصية.
2 ـ أن يكون الدين مما يحبس فيه.
3 ـ أن لا يكون المدين قادراً على السداد.
4 ـ أن يكون الدين حالاًّ أو مستحق الأداء وقت إعطاء المدين من الزكاة.
ب ـ المدينون لمصلحة اجتماعية، وهم من استدان لإصلاح ذات البين، بتحمّله الديات أو قيم المتلفات الواجبة على الغير للإصلاح بينه وبين مستحقيها، ويعطى هؤلاء من الزكاة ولو كانوا أغنياء قادرين على السداد.
ج ـ المدينون بسبب ضمانهم لديون غيرهم، مع إعسار الضامن والمضمون عنه.
د ـ يُعان من الزكاة المدين بدية قتل خطأ إذا ثبت عجز العاقلة عن تحملها وعدم قدرة بيت المال على تحملها. ويجوز دفع ذلك مباشرة إلى أولياء المقتول، أما دية العمد فلا يجوز دفعها من مال الزكاة، وينبغي عدم التساهل في دفع الديات من أموال الزكاة ولا سيما مع كثرة الحوادث ووجود الحاجة الماسة بالنسبة للمصارف الأخرى، والسعي في إنشاء صناديق تعاونية لتكون ضمانا اجتماعيا للإسهام في تخفيف الأعباء عمن لزمتهم الديات بسبب حوادث المرور وغيرها وكذلك تشجيع إقامة الصناديق التعاونية العائلية والمهنية للاستفادة من نظام العواقل بصورة ملائمة لمعطيات العصر.
فقه مصرف "سبيل الله"
أ ـ مصرف "سبيل الله" يُراد به الجهاد بمعناه الواسع الذي قرره الفقهاء بما مفاده حفظ الدين وإعلاء كلمة الله ويشمل مع القتال الدعوة إلى الإسلام والعمل على تحكيم شريعته ودفع الشبهات التي يثيرها خصومة عليه وصد التيارات المعادية له، وبهذا لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري وحده.
ب ـ يصرف من هذا المصرف على المجاهدين أو الدعاة المتطوعين، وعلى الجهات القائمة بشؤون الجهاد أو الدعوة ويشمل الصرف أدوات القتال والعتاد ووسائل الدعوة بأنواعها، كما يشمل ما يحتاجه المجاهدون والدعاة من النفقة.
ويدخل تحت مصرف في سبيل الله بهذا المعنى الشامل ما يلي:
أ ـ تمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم.
ب ـ دعم الجهود الفردية والجماعية الهادفة لإعادة حكم الإسلام وإقامة شريعة اللّه في ديار المسلمين، ومقاومة خطط خصوم الإسلام لإزاحة عقيدته وتنحية شريعته عن الحكم.
ج - تمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام التي يقوم عليها رجال صادقون في البلاد غير الإسلامية بهدف نشر الإسلام بمختلف الطرق الصحيحة التي تلائم العصر وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقرا للدعوة الإسلامية.
د - تمويل الجهود الجادة التي تثبّت الإسلام بين الأقليات الإسلامية في الديار التي تسلط فيها غير المسلمين على رقاب المسلمين، والتي تتعرض لخطط تذويب البقية الباقية من المسلمين في تلك الديار.
فقه مصرف "ابن السبيل"
"ابن السبيل" هو المتغرب الذي لا يملك ما يبلغه وطنه، ويعطي من الزكاة بهذه الصفة بالشروط التالية:
أ ـ أن يكون مسافرا عن بلد إقامته، فلو كان في بلده وهو محتاج فإنه يُطبق عليه مصرف (الفقراء) أو "المساكين".
ب ـ أن لا يكون سفره لأمر غير مشروع، لئلا تكون إعانة له على المعصية.
ج ـ أن لا يملك في الحال ما يتمكن به من الوصول إلى بلده وإن كان غنيا في بلده، فلو كان له مال مؤجل أو على غائب أو مُعسر أو جاحد لم يمنع ذلك الأخذ من الزكاة.
******
وبالمختصر المفيد، فإن مصرف "سبيل الله" هو البنك الإسلامي العسكري الذي يدعم كل عمل حربي ضد غير المسلمين أو ضد الذين ينشقون عن الإسلام. هذا الدعم قد يكون لدولة مسلمة في صراعها مع دولة أو أمة غير مسلمة، أو دعماً لعصابة منظَّمة كجماعة "القاعدة" و "أبو سياف" و "حماس" وغيرها.. أو قد يكون دعماً لعمليات فردية كالعمليات "الانتحارية" الموجّهة ضد المدنيين من اليهود.
ما ذكره المصدر في شرحه لمصارف الزكاة لا يحتاج إلى استفاضة في الشرح. هذا المصرف:
"يُرادُ به الجهاد بمعناه الواسع"
"يشمل مع القتال الدعوة إلى الإسلام والعمل على تحكيم شريعته ودفع الشبهات"
"لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري وحده." (وفي العبارة تأكيد على عسكريّة الجهاد على عكس ما أخذنا نسمعه مؤخّراً من ادّعاءات بأن الجهاد هو جهاد النفس للوصول بها إلى السلام مع الله!!..)
للصرف على "أدوات القتال والعتاد ووسائل الدعوة بأنواعها.."
"لتمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم."
"لدعم الجهود الفردية والجماعية الهادفة لإعادة حكم الإسلام وإقامة شريعة اللّه في ديار المسلمين، ومقاومة خطط خصوم الإسلام لإزاحة عقيدته وتنحية شريعته عن الحكم."
"لتمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام.. وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقرا للدعوة الإسلامية."
******
إنّ ركن الزكاة الذي يتبجّح به أصحاب الدعاية الإسلامية على أنه فضيلة من فضائل الإسلام، هو، إضافةً إلى ما يتمتع به من عنصرية في تمييزه بين المعوزين على أساس ديني، وإضافة إلى كونه مصرفاً لأموال الرشوة التي تستعمل لشراء الناس إلى الإسلام أو لشراء ضمائر المسؤولين ليسهّلوا عملية شراء الناس، فإنه أيضاً وقبل كل شيء، مصدر دعم مادي لا يستهان به للجهاد الذي لم يعد معناه يخفى على أحد.
******
إنه لمن المؤسف أن نرى الغرب على جهل كامل بتركيبة الإسلام الحقيقية، ولكننا لن نبالغ إذا قلنا أنَّ غالبية المسلمين أنفسهم أيضاً هم على جهل بتركيبة دينهم.
ربما تقضي الطائرات والقنابل على بضعة آلاف من الإرهابيين، ولكن ما يفوت الغرب هو أن مقابل كل إرهابي يفطس، هناك مئة جاهل أعمى يتخرّجون كل يوم من مدارس حفظ القرآن. يتخرّجون وقد بصموا كل كلمة وكل حرف من حروفه، وينطلقون في شؤونهم اليومية وهم مستعدون لأن ينفذوا كل كلمة وكل حرف من كلماته وحروفه.
ربما يتم إغلاق عشرين، أو مئة، أو بضعة مئات من المراكز الإسلامية التي تعلّم الكراهية أو تجمع الأموال للإرهابيين. ولكن يفوت الغرب أن هناك آلاف المساجد التي تعمل كمراكز للدعاية الإسلامية ولجمع أموال الزكاة العسكرية لتستخدم ضد البلاد التي تتواجد فيها. يفوت الغرب، أن هناك مئات الملايين من الناس الذين يقدمون زكاة أموالهم لا يعرفون أين تذهب بل كل ما يعرفونه هو أنهم يفعلون ما يتوجب عليهم فعله للحصول على أريكة في جنة العسل واللبن والعذارى والغلمان.
الحرب ضد الإرهابيين لا شكّ في أنها حربٌ لا مفرّ منها، إذ أن تجاهل القاتل هو بالتأكيد تشجيع له على ارتكاب المزيد من القتل. ولكن، ما العمل وهناك آلاف البطون التي تحمل وتلد لهذا العالم كل يوم الآلاف من المجاهدين.
ربما تقتل قنبلة تلقي بها طائرة حربية خمسين إرهابياً وهي لا شكّ ضرورية للقضاء على إرهابيي اليوم، ولكن وبالمقابل، يجب أن تُخصَّصَ قيمةٌ معادلة على الأقل لكلفة هذه القنابل، تُصرفُ على طبع ملايين الكتب والنشرات يتمّ رميها من الطائرات فوق كل شبر من الأراضي الإسلامية، وكذلك لإنشاء إذاعات موجهة إلى كل أذن إسلامية. فتحرير مستقبل العالم من الإرهاب الإسلامي، لن يتم إلا عن طريق تحرير الأم المسلمة والأب المسلم والشاب المسلم وعلى وجه الخصوص الطفل المسلم من سيطرة تعاليم الإرهاب على عقولهم.
إن لم يتوصل الغرب إلى قناعة كاملة بأن الحرب الثقافية هي أهم بأشواطٍ من القنابل والصواريخ، فإن جهوده للقضاء على الإرهاب ستكون عقيمة كل العقم. إنّ ما على الغرب أن يعمل على إنتاجه اليوم، هو صواريخ محملة برؤوس ثقافية، أكثر من عمله على إنتاج صواريخ برؤوس نووية.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط