بسام درويش
/
Oct 12, 2003
بعث إليّ قارئ بنشرة تحمل اسم "منبر الجمعة"، تصدرها جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في أناهايم كاليفورنيا.
وتحت عنوان، "الدرس الخامس.. الإيمان هو أفضل الأعمال عند الله"، جاء في هذه النشرة ما يلي:
****
["قال الله تعالى "إنّ الله لا يغفر أن يُشرَكَ به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".
إنّ لله تبارك وتعالى على عباده حقوقاً عظيمة وإن أعظم هذه الحقوق وأفضلها هو توحيده وأن لا يُشرَكَ به شيئاً. لأنّ الله هو الذي يستحق العبادة ولا أحد غيره يستحق العبادة. فهو المتفضّل علينا بالإيجاد والمتفضّل علينا بالنعم والخيرات فهل يجوز لنا عبادة غيره!! إنّ من أعرض عن الإيمان بالله ورسوله إنما أعرض عن أفضل الأعمال عند الله. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أفضل الأعمال إيمانٌ بالله ورسوله" رواه البخاري. ومن دون الإيمان لا تقبل بقية الأعمال الصالحة لأن الإيمان شرط لقبولها عند الله، قال تعالى "ومن يعمل الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيراً".
ومن اختار لنفسه الإشراك أو أي نوع من أنواع الكفر فقد أهلك نفسه ورضي بعيشة الهوان، وقد أخبرنا الله سبحانه أن من مات مشركاً خسر مغفرة الله، قال تعالى "إنّ الله لا يغفر أن يُشرَكَ به" فالله لا يغفر لمن مات مشركاً. وكذلك من مات على أي نوع من أنواع الكفر كنفي وجود الله أو الاستهزاء بالشرع الحنيف أو مسبة الله فإن الله لا يغفر له لقوله تعالى "إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم".
أما المسلم الذي آمن بالله ورسوله فإن كان من أهل الكبائر ومات قبل التوبة فإن الله يغفر له ذنوبه لقوله تعالى "ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، أي يغفر الله الذنوب التي هي دون الإشراك لمن يشاء من عباده المسلمين العصاة الذين ماتوا قبل التوبة.
فالمسلم العاصي مهما استرسل في المعاصي والآثام لا يكون كافراً، وهو أفضل بكثير من الكافر الذي ينفي وجود الله أو يسب الله أو يستهزأ (تصحيح: يستهزئ) بالإسلام وبالشرع الحنيف وبالصلاة والصيام.
وقد أخبر الرسول الأعظم أن امرأة كانت مؤمنة من مسلمي (!!) بني إسرائيل وكانت زانية بغيا، كانت ذات يوم حول بئر فرأت كلباً اشتدّ به العطش ولم يكن معها وعاء تأخذ به الماء فخلعت خفها وأخذت الماء فيه فسقت هذا الكلب العطشان، وقال رسول الله عنها: "فغُفِرَ لها به" أي غُفرَ لها لهذا السقي. والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة جداً.
أخي المسلم، إنّ الله غفور رحيم، وهو أيضاً شديد العقاب. وإنّ الله أنعم عليك بنعم كثيرة فاشكره عليها بأن لا تعصيه بها.
المسلمون العصاة صنفان.
المسلمون العصاة من أهل الكبائر الذين يموتون قبل التوبة صنفان:
صنفٌ يعفيهم الله من العذاب ويدخلهم الجنة بفضله ورحمته مع أنهم كانوا يستحقون العقوبة في النار على ما اقترفوا.
وصنفٌ يعذبهم في النار ثم يخرجهم منها ويدخلهم الجنة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان" رواه البخاري. إذن مصير كل من آمن بالله ورسوله الدخول إلى الجنة إما بدون عذاب وإما بعد عذاب. والمسلم العاصي الذي شاء الله أن يعذبه في النار على معاصيه لا يخلد في النار خلوداً أبدياً. إنما الكافر هو الذي يخلد خلوداً أبدياً في النار جزاء له على كفره الذي هو أكبر المعاصي وأشدّها وأخطرها.
تنبيه هام: أما قوله تعالى "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها". فمعناه أن الذي يقتل المؤمن لإيمانه أي يقتله لأنه مؤمن فهو كافر وجزاؤه جهنم خالداً فيها." كما قال الإمام الغزالي وغيره من المفسرين. أما من يقتل نفساً بغير حق أو يقتل نفسه فلا يكون كافراً مخلداً في النار بل هو مسلم مذنب من أهل الكبائر.
أخي المسلم، ما أجمل العيش في رحاب الإيمان. وما أجمل أن يكون المرء بين الخوف والرجاء: الخوف من عذاب الله ورجاء رحمة الله. وتذكّر أنك أنِ استرسلت في المعاصي ثم مت قبل التوبة لا تدري إن كنت ستكون ممن يغفر الله لهم ويعفو عنهم. فسارع إلى التوبة قبل الفوات.
اللهم إنا نسألك أن تميتنا على الإيمان وأن لا تختم لنا بخاتمة الكفر والشقاء.]
(انتهى)
===================
ما هي المعاصي التي تُعرف في الإسلام باسم "الكبائر"؟..
يذكر الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه "كتاب الكبائر" سبعين كبيرة، وهي التالية:
الشرك بالله، قتل النفس، السحر، ترك الصلاة، منع الزكاة، إفطار يوم من رمضان بلا عذر، ترك الحج مع القدرة عليه، عقوق الوالدين، هجر الأقارب، الزنا، اللواط، أكل الربا، أكل مال اليتيم وظلمه، الكذب على رسول الله، الفرار من الزحف، غش الإمام للرعية وظلمه لهم، الكبر والفخر والخيلاء والعجب والتيه، شهادة الزور، شرب الخمر، القمار، قذف المحصنات، الغلول من الغنيمة، السرقة، قطع الطريق، اليمين المغموس، الظلم، المكاس، أكل الحرام وتناوله في أي وجه كان، قتل الإنسان لنفسه، الكذب في غالب أقواله، القاضي السوء، أخذ الرشوة على الحكم، تشبه المرأة بالرجال وتشبه الرجال بالنساء، الديوث المستحسن على أهله، المحلِّل والمُحَلَّل له، عدم التنزه عن البول، الرياء، التعلم للدنيا وكتمان العلم، الخيانة، المنان، التكذيب بالقدر، التسمع على الناس، النمام، اللعان، الغدر وعدم الوفاء بالعهد، تصديق الكاهن والمنجم، نشوز المرأة على زوجها، التصوير في الثياب والحيطان والحجر وغيرها،اللطم والنياحة وغيرهما، البغي، الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، أذى الجار، أذى المسلمين وشتمهم، أذية عباد الله، إسبال الإزار أو الثوب واللباس والسراويل، لبس الحرير والذهب للرجال، أباق العبد، الذبح لغير الله عز وجل، فيمن ادّعى لغير أبيه وهو يعلم، الجدال والمراء واللدد، منع فضل الماء، نقص الكيل والذراع والميزان، الأمن من مكر الله، أذية أولياء الله، تارك الجماعة فيصلي وحده من غير عذر، الإصرار على ترك صلاة الجمعة والجماعة من غير عذر، الإضرار بالوصية، المكر والخديعة، من جس على المسلمين ودلّ على عوراتهم، سب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
*********
الشرك بالله هو أكبر الكبائر، وهو الأمر الذي لا يتساهل الله فيه أبداً. كل ما دون الشرك مؤهل للحصول على مغفرة الله دون عذاب في النار أو ربما مع بعض العذاب. تعالوا نتأمّل في بعض هذه الكبائر التي أتى على ذكرها الإمام الذهبي والمؤهلة لمغفرة الله:
قتل النفس أي قتل إنسان آخر، قتل الإنسان لنفسه أي الانتحار، الزنا، اللواط، أكل مال اليتيم وظلمه، شهادة الزور، الكذب، القاضي السوء، أخذ الرشوة على الحكم، والغدر وعدم الوفاء بالعهد.
ما جاء في النشرة المذكورة أعلاه لم يكن حديث جاهلٍ بل عارف كل المعرفة بتعاليم الإسلام. ولننظر فيما يذكره البخاري من حديثٍ عن لسان محمد "النبي"، يقول:
"قال أبو ذر الغفاري: قال الرسول أن جبريل قال له: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ولم يدخل النار قال النبي وإن زنى وإن سرق، قال جبريل، وإن!!"
إذن، ناهيك عن كل الكبائر الأخرى، فإن الزنا، والكذب والسرقة والقتل والانتحار وشهادة الزور وأخذ الرشوة والحكم الفاسد والظلم والغدر.. كلها أعمال لا تمنع مرتكبها في شرع الإسلام من دخول الجنة. قد يُعاقب البعض عليها بفترة عذاب يحددها الله.. وقد ينجو آخرون من العقاب إذا تفوهوا ببضعة كلمات قبل موتهم يطلبون فيها من الله المغفرة وقبول توبتهم... المهمّ هو أن يكونوا قد ماتوا على دين الإسلام لا يشركون بعبادة الله شيئاً آخر!
أما فيما يتعلق بغير المسلم، فهو حتى ولو أطاع والديه، وعفّ عن الزنا واللواط، وامتنع عن أكل مال اليتيم، وأمضى حياته صادقاً لا يعرف الكذب، ولا يقبل رشوة، ولم يظلم أو يغدر أو يشهد شهادة زور.. فإن مصيره سيكون النار خالداً فيها إلى الأبد، لا يشفع له عمل من أعماله الصالحة، لأنه لم يقل الشهادة التي يعلن فيها بأنه يؤمن بأن لا إله إلا الله وأن محمداً هو رسوله!
إذاً، المسلمون يذهبون بعد الموت إلى الجنة بغض النظر عما ارتكبوه في هذه الحياة من أعمال قتل وتعريص وشرمطة وسرقة وإرهاب ولواط وكذب. وربما إذا دخل بعضهم مؤقتاً إلى النار، فقد يجد نفسه أيضاً في جناح خاص أُعدَّ له كتلك الأجنحة في الفنادق ذات الست نجوم، أو ربما يجد هناك بانتظاره كرسي پولمان كالكراسي الموجودة في المسارح وقاعات السينما، يجلس عليه ويحرك إصبعه الوسطى للمسيحيين واليهود والبوذيين وغيرهم، قائلاً لهم: موتوا في غيظكم يا كفار.. أنتم في الجحيم تتعذبون ونحن في السماء متنعمون..!
لننظر إلى قصي وعدي حسين على سبيل المثال. مجرمان سرقا أموال الفقراء وظلما العباد واغتصبا الفتيات القاصرات، وقتلا الأبرياء وعملا كل الكبائر والصغائر، لكن مصيرهما حسب تعاليم الإسلام سيكون الجنة. لا أحد يعلم ما إذا كانا سيقضيان بعض الوقت في النار أو لا، فلربما هما أيضاً كانا قد سقيا كلباً عطشاناً ذات يوم قبل أن يسلطاه على أحد ضحاياهما، فغفر الله لهما بذلك العمل وأسكنهما جناته.. فهما، مهما كان أمرهما، حسب تعاليم هذا الدين، سيستقران بالتأكيد في جنة الله، ينعمان فيها بأنهار اللبن والعسل والخمر لا بل أيضاً بالعذارى اللواتي فاتهما اغتصابهن وهما على هذه الأرض!
لويس باستور، وروبرت كوخ وألبرت آينشتاين وصمويل مورس وتوماس أديسون وإسحق نيوتن وماري كوري والأخوان رايت وسيغمن فرويد.. هؤلاء كلهم، على سبيل المثال لا الحصر، سيذهبون إلى النار ويخلدون فيها لأنهم لم يؤمنوا بمحمد وبهذا الله الذي أنتجته مخيلته، ولن تشفع لهم بحوثهم واختراعاتهم ومساهماتهم في تخفيف آلام البشر أو في توفير وسائل الراحة لهم، بمن فيهم المسلمون!
الأم تيريزا التي ماتت وهي تتحسر لأنها لم تستطع أن تقضي على هذه الأرض يوماً آخر تخدم فيه الجياع والمرضى والمعذَّبين من الهندوس والمسلمين وغيرهم، مصيرها النار لا يشفع لها عمل صالح قامت به، بينما يفتح الله أبواب جنته مشرعة للعاهرة المسلمة لأنها سقت كلباً بخفّها ولأنها ماتت على دين محمد!
المتوكل الذي ذكرت عنه كتب المسلمين بأنه كان مؤنثاُ وَضِعاُ، والمعتز الذي كان مخنثاً، والمأمون الذي قتل أخاه، والمنتصر الذي قتل أباه، وموسى بن المهدي الذي سمّ أمّه، والمعتضد الذي سمّ عمّه، وابن معاوية يزيدٌ السكّير العربيد، وجدّته آكلة الأكباد.. ومن بعدهم، بن لادن وصدام والظواهيري وحتى مايك تايسون. كلهم مصيرهم الجنة لأنهم ماتوا أو سيموتون على دين محمد!
**********
هذا المكان الذي وُعدَ به المسلمون مقراً نهائياً لهم ويسمونه جنة، له تعريف بسيط في قواميس الأمم المتحضرة وهذا التعريف هو "مزبلة."
**********************************
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط