”ميلادُ خيرِ البرايا خيرُ ميلادِ.. الهدى قد تجلّى بالنبي الهادي.
الحمد لله الذي أنار الوجودَ بِطلعةِ خير البرية،
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام!
قمر الهداية وكوكب العناية الربانية!
مصباح الرحمة المرسلة!! وشمس دين الإسلام
من تولاهُ بالحفظ والحماية والرعاية السرمدية
وأعلى مقامه فوق كل مقام!
وفضله على جميع الأنبياء المرسلين ذوي المراتب العلية!
فكان للأولين مبدأً.. وللآخرين ختام
وشرّف أمته على جميع الأمم السابقة القبلية!
فنالت به درجةَ القربِ والسعادة والاحترام!
وأنزلَ تشريفها في محكم الآيَةِ القرآنية!
كنتم خير أمة أخرجت للناس!
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر!
وتؤمنون بالله.. .. فما أعذبَ هذا الكلام!"
*******
كانت تلك كلمات موشّح "نبوي" سمعته وأنا أقود سيارتي في رحلة طويلة؛ وقد أخذت الأسطوانة معي دون قصد مع مجموعة أخرى من الأسطوانات، لتؤنس وحشتي في طريق صحراوي ممل. أقول دون قصد إذ ـ أؤكّد لكم ـ إنّ تسجيلاً لموشّحات نبوية، هو آخر ما يخطر بفكري اصطحابه معي ليكون أنيسي على طريق سفر. مع ذلك، أعترف أن هذه الأسطوانة كانت الوحيدة التي استمعت إليها، ثم أعدت الاستماع إليها مرة بعد مرة، ذهاباً وإياباً!
********
ربما ليس منا من لم يسمع بأن لله في الإسلام تسعة وتسعين اسماً أو صفةً،(1) لكن ربما هناك كثيرون لم يسمعوا بأن لمحمد ما يزيد عن المئتي اسم،(2) لا بل تقول مراجع إسلامية أن اسماء وصفات محمد تزيد عن الألف. معظم هذه الصفات مرت أمام عيني دون أن أعيرها اهتماماً يُذكَر، إذ أنّي حاولت دائماً، وعلى قدر الإمكان، تجنب إشغال نفسي بتوافه المواضيع، مفضّلاً تركيز اهتمامي على الجوانب الخطرة من هذا الدين.
لكني خلال هذه الرحلة وجدت نفسي أسبح، وأنا استمع إلى هذا التسجيل، في خضمّ بعض الأوصاف المحمدية التي جاء ذكرها فيه، شدّني إلى الانصات إليها والتأمّل بها الصوتُ الجميل والأداء الممتاز للمُنشد حمزة شكّور.
********
محمد، "خيرُ البرايا!؟.."، "مصباحُ الرحمة المرسلة!.."، "المفضّل على جميع الأنبياء المرسلين ذوي المراتب العليّة!.."، "الذي شرّف أمته على جميع الأمم السابقة.."، "فنالت أمته به درجةَ القربِ والسعادة والاحترام!".. وثبّت لها التشريف بوثيقة قرآنية تقول: "كنتم خير أمة أخرجت للناس! تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله.."
وينهي المنشد مديحه النبوي بقوله:
"فما أعذبَ هذا الكلام!.."
نعم، ما أعذب هذا الكلام حقاً على آذانِ وقلوبِ شعبٍ، ليس مثله شعبٌ آخر يؤخذ بالعبارات الطنانة التي لا معنى لها.
إن لم أعجَبْ لنزولِ هذا الكلام منزلاً عذباً وحسناً على آذان وفي قلوب جهلةِ المسلمين ـ وما أكثرهم، فإنّ عجبي هو أن يلقى قبولاً لدى أيّ إنسان مثقف مهما كانت درجة ثقافته.
هل في سيرة ذلك الرجل ما يجعله مستحقاً لأن يقال عنه بأنه خير البشر جميعاً؟
لم تكن هناك مناسبةٌ للنقاش بيني وبين مسلم إلا وكنت أبدأها بسؤالي: "ماذا ترى في محمد؟". لكنه سؤال لم اسمع له في يوم من الأيام جواباً.
تَطرحُ سؤالا كهذا على بوذي عما يراه في بوذاه، فيأتيك جوابه بسرعة: إنه المعلّم المستنير الذي توصل إلى أنّ معرفة الحقيقة هي المفتاح للسعادة الإنسانية، والحقيقة هي أن الحياةَ معاناةٌ متواصلة، لكنّ الإنسان قادر على إيقاف هذه المعاناة إذا اتبع نصائح المستنير وسلك الطريق السوي الذي يؤدّي إلى إيقافها.
وإن أفسحتَ للبوذي المجال كي يتوسّع في جوابه، فإنه يأخذك إلى بحر واسعٍ من الأفكار التي تفرض نفسها عليك فرضاً وتجبرك على التفكير السوي، وإن لم ينتهِ بك التفكير إلى اعتناقها، فإنك على الأقل تخرج من بحرها إنساناً أكثر حكمة؛ إنساناً يقدّر قيمة الإنسان الآخر؛ إنساناً أعظم حُباً للآخرين ورغبةً بالتعايش معهم.
المهمّ، إن البوذي لن يغضب منك إطلاقا إذا طرحت عليه ذلك السؤال، إذْ ليس هناك في سيرة معلمه ما يستحيي به وبالتالي يخشى أن تتطرق إليه.
تطرح سؤالاً كهذا على مسيحي عما يراه في المسيح، فيأتيك الجواب أيضاً بسرعة: إنه المعلم الصالح الذي لخّص لي الحياة كلها بكلمة واحدة، وهي المحبة. محبته لي بلغت حدّ التضحية بنفسه من أجل خلاصي.
وأيضاً، إن أفسحتَ للمسيحي المجال كي يتوسّع في جوابه، فإنه هو الآخر يأخذك إلى بحر واسعٍ من الأفكار التي تفرض نفسها عليك فرضاً وتجبرك على إعادة التفكير في حياتك؛ وإن لم تنتهِ بتشجيعك على اعتناقها، فإنها لا شكّ ستزرع في وجدانك بذوراً لنبتةٍ لا بدّ أن تؤتي ثمارها حين يتوفّر لها المناخ المناسب؛ او أنها على الأقل ستشجعك على السعي لتكون إنساناً أعظم حُباً للآخرين وأكثر رغبةً بالتعايش معهم.
وكما هو حال البوذي، لن يغضب المسيحي منك إذا طرحت عليه ذلك السؤال، إذْ ليس هناك أيضاً في سيرة معلمه ما يستحيي به، وبالتالي يخشى أن تتطرق إليه!
لكن ماذا تُراهُ يكون جواب المسلم على سؤال كهذا؟
بأيّ صفاتٍ سيُعرّف السائلَ على نبيّه؟
هل سيقول عنه إنه مصباح الرحمة الذي تجلت رحمته بقلع عيون وبتر اوصال اشخاصٍ قتلوا راعيه بعد أن سمح لهم أن يشربوا من بول نوقه؟
هل سيقول عنه إنه نبيّ العفو والتسامح الذي تجلى عفوه وتسامحه بإرسال أحد رجاله ليقتل امرأة مرضعة أذنبت ذنباً عظيما بإنشادها بضعة أبيات شعر تنتقده فيها؟.. أو بإرساله رجاله كي يأتوا له برأس رجل كان ذنبه كذنب المرأة المرضعة؟
هل سيقول عنه إنه النبي المتعفف المكتفي الذي تجلّى تعففه واكتفاؤه بثلاثة عشرة زوجة إضافة إلى الإماء؟
هل سيقول عنه إنه نبيّ السلام الذي أعلن حربه على البشرية كلها حتى تخضع له؟
هل سيقول عنه إنه مصباح العقل والحكمة الذي مرض فاعتقد بأن سبب مرضه عشرة عقد في عود شجرة وأنه لن يتعافى من مرضه إلا بالبحث عن ذلك العود وكسره؟
هل سيقول عنه إنه النبيّ الذي أكرم المرأة بوصفها صاحبة نصف عقل؟
هل سيقول عنه إنه النبيّ الذي وضع أسس التعايش بين البشر إذ أمر أتباعه بقتال المسيحيين واليهود حتى يؤمنوا أو يدفعوا؟!
هل سيقول عنه إنه الأسوة الحسنة التي يقتدي بها المسلمون اليوم بقطع الرؤوس والاعتداء على معابد وبيوت ومتاجر الناس الذين لا يؤمنون بدينهم؟
*******
أي شرفٍ أضفاه هذا النبي على أمته كي تستحق أن تدعى خير أمة أخرجت للناس؟
وأي احترام نالته هذه الأمة بانتسابها لهذا النبي؟
وأية سعادة تنعم بها؟
هل يعقلُ أن تتشرفَ أمةٌ بقاتلٍ مجرمٍ قاطعِ طريق مخادعٍ ومهووسٍ بمضاجعة الأطفال؟
وهل تُحتَرمُ أمة تتفاخر بقطع الرؤوس وترقص لسماع أخبار مصرع الأبرياء وتهلل للكوارث الطبيعية التي تصيب الناس.
أية سعادة تنعم بها هذه الأمة على الرغم مما توفر لها من موارد هائلة؟
لا بل أية سعادة نعمت وتنعم بها هذه الأمة، وهي منذ تأسست وحتى اليوم يقاتل طوائفها بعضهم البعض الآخر.
********
خير البرايا؟..
أتريدون أن تعرفوا من هو خير منه؟
يصعب عليّ أن أحصي عدد البشر منذ وُجدَ الإنسان حتى اليوم.
لكن يمكنني أن اقول لكم من هو أشرّ منه.. حين يولد الأكثر شراً!
==================
ملاحظة: أترك الحديث عن "سيد المرسلين" إلى لقاء آخر.
============
(1) أسماء الله:
الله، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصوّر، الغفار، القهّار، الوهّاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المغيث، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المُقْدِِّمُ، المؤخِّر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَرُّ، التواب، المنتقم، العفوُّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضان، النافع الضارّ، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور.
(2) أسماء محمد:
محمد، أحمد، حامد، محمود، أحيد، وحيد، ماح، حاشر، عاقب، طه، يس، طاهر، مطهر، طيب، ناصر، سيد، رسول، نبي، رسول الرحمة، قليم، جامع، مقتف، مقفى، رسول الملاحم، رسول الراحة، كامل، إكليل، مدثر، مزمل، عبد الله، حبيب الله، صفى الله، نجى الله، كليم الله، خاتم الأنبياء، خاتم الرسل، محي، منجى، مذكر، ناصر، منصور، نبي التوبة، نبي الملحمة، حريص عليكم، معلوم، شهير، شاهد، شهيد، مشهود، بشير، مبشر، نذير، منذر، نور، سراج، مصباح، هدى، مهدى، منير، داع، مدعو، مجيب، مجاب، حفي، عفو، ولي، حق، قوي، أمين، مأمون، كريم، مكرم، مكين، متين، مبين، مؤمل، وصول، ذو قوة، ذو حرمة، ذو مكانة، ذو عز، ذو فضل، مطاع، مطيع، قدم صدق، رحمة، بشرى، غوث، غيث، غياث، نعمة الله، هدية الله، عروة وثقي، صراط الله، صراط مستقيم، ذكر الله، سيف الله، حزب الله، النجم الثاقب، مصطفى، مجتبى، منتقى، أمي، مختار، أجير، جبار، أبو القاسم، أبو الطاهر، أبو الطيب، أبو إبراهيم، مشفع، شفيع، صالح، مصلح، مهيمن، صادق، مصدق، صدق، سيد المرسلين، إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، خليل الرحمن، بر، مبر، وجيه، نصيح، ناصح، وكيل، متوكل، كفيل، شفيق، مقيم السنة، مقدس، روح الحق، روح القسط، كاف، مكتف، بالغ، مبلغ، شاف، واصل، موصول، سابق، سائق، هاد، مهد، مقدم، عزيز، فاضل، مفضل، فاتح، مفتاح الرحمة، مفتاح الجنة، علم الإيمان، علم اليقين، دليل الخيرات، مصحح الحسنات، مقبل العثرات، صفوح عن الزلات، صاحب الشفاعة، صاحب المقام، صاحب القدم، مخصوص بالعز، مخصوص بالمجد، مخصوص بالشرف، صاحب الوسيلة، صاحب السيف، صاحب الفضيلة، صاحب الإزار، صاحب الحجة، صاحب السلطان، صاحب الرداء، صاحب الدرجة الرفيعة، صاحب التاج، صاحب المغفر، صاحب اللوا ء، صاحب المعراج، صاحب البراق، صاحب الخاتم، صاحب العلامة، صاحب البرهان، صاحب البيان، فصيح اللسان، مطهر الجنان، رءوف رحيم، أذن خير، صحيح الإسلام، سيد الكونين، خير البرية، سيد ولد آدم، عين النعيم، عين الغر، سعد الله، سعد الخلق، أشرف الخلق، خطيب الأمم، علم الهدى، كاشف الكرب، رافع الرتب، عز العرب، صاحب الفرج، الضحوك القتّال، إلخ..
**********