بسام درويش
/
Aug 27, 2001
كانت الشقة التي يقطنها ابني تبعد عن الجامعة بضعة أميال. ورغم أنه لم يكن من الشباب الذين يرتادون البارات، فقد اتجه بمجرّد انتهاء الحصّة الدراسية إلى أقرب بار. مباراة اليوم في كرة السلّة لا تفوّت إذ أنها المباراة الحاسمة لفريقه المفضّل "الليكرز" في هذه الألعاب الموسمية.
دخل البار وأسرع إلى الكرسي الوحيد الذي كان وكأنه بانتظاره وطلب زجاجة بيرة من النوع الخالي من الكحول ثم جلس وعيونه مسمّرة على شاشة التلفزيون يتابع المباراة التي مضى على بدئها بضع دقائق. إلى جانبه جلس شاب عرف ابني فيما بعد أنه من عمره تماماً. رفع الشاب زجاجة البيرة التي كانت بيده وأشار إلى ابني وهو يقول مبتسماً، "نخب الليكرز!.. أنت من هواة الليكرز.. أليس كذلك؟"
ابتسم ابني وهز رأسه إيجاباً وقال: "نخب الليكرز!.."
تبادل الشابان الحديث عن المباراة وعن رياضات أخرى، وخلال الحديث سأل الشاب ابني وقد كان واضحاً من لهجته بأنه يتكلم العربية: من أين أنت أساساً؟.. وأجاب ابني على الفور، "لقد ولدت في سوريا ولكنني أتيت إلى هذا البلد طفلاً صغيراً لم أبلغ من العمر السنة الأولى.
مدّ الشاب يده يصافح ابني قائلاً بالعربية "يا أهلاً وسهلاً.. يا أهلاً وسهلاً.. هل تتكلم العربية؟".
"إلى حد ما"، أجاب ابني. وأنت.. من أين بلد أتيت؟
"من الكويت" قال الشاب. "أنا هنا منذ سنتين فقط، أتخصص في إدارة الأعمال."
وأخذ ابني والشاب الكويتي يتبادلان الحديث عن مختلف المواضيع، وبعد فترة توقف الشاب الكويتي ليسأل ابني قائلاً: أنت مسلم أليس كذلك؟.. وابتسم ابني وأجاب باختصار: "لا!". عاد الشاب الكويتي يطرح سؤاله في شبه إلحاح: "أنا مسلم.. هل أنت مسيحي إذن؟" صمت ابني لبرهة قصيرة ثم أجاب مبتسماً: "لا يهمني أمر دينك أبداً، أما جواباً على سؤالك أقول، نعم، أنا مسيحي!"
هنا قال لشاب لابني مازحاً وعلى شفتيه ابتسامة خبيثة: "ومالك؟.. هل تستحيي أن تقول بأنك مسيحي؟.. أنا أقول باني مسلم وكلي فخر بذلك! إنها لخسارة أن يكون شاب مثلك مسيحياً!"
ابتسم ابني وقال بعد صمت قصير: صدقتَ يا صاحبي إلى حد ما، فأنا حقاً ربما يجب عليّ أن استحيي بان أقول إني مسيحي، لأنني حتى الآن لم أبذل جهداً كي أتعرّف كثيراً على هذا الدين الذي أنتمي إليه. ولكن من ناحية أخرى، سمعت بأن الإسلام يحرّم شرب الكحول، أفلا تستحيي أنت بأن تقول بأنك مسلم وفي يدك زجاجة البيرة؟"
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط