حسين ديبان
/
Aug 23, 2007
شاءت الصدف أن يكون اسم الشاب المصري الذي اختار المسيحية كدين جديد له هو ذاته اسم نبي الاسلام "محمد"، والاسم الذي يحمله هذا الشاب فقط كفيل باثارة زوابع لا حصر لها، واحتجاجات لن تتوقف، وزعيق لن يخفت، ولو كان هناك نوعٌ من حرية التظاهر في بلاد المسلمين عموما والعرب خصوصا، لشاهدنا من المظاهرات والمسيرات، وسمعنا من الشتائم والخطابات مالاعين رأت ولا أذن سمعت.
لكن وكما يعلم الجميع ان حرية التعبير عن الغضب الاسلامي العارم، مفقودة في ذلك العالم حالها حال بقية الحريات، وان كان هذا النوع من حرية التعبير عن الغضب الاسلامي يصبح في في بعض الأحيان مطلبا رسميا، ولكن مُسيطراً عليه، يحتاجه دكتاتور "مزنوق" وربما يحض عليه ويوفر له أفضل الظروف والاحوال لضمان نجاحه ليسبغ على نفسه وصف حامي الدين والنبي والكرامة، مثلما فعل ديكتاتور الشام حين سمح للغوغاء بالتعدي على الحرمات وحرق السفارات في دمشق وبيروت إبان أزمة الرسوم المحمدية الدنماركية، وكذا فعل معلموه في طهران.
بالتأكيد ان مئات وربما آلاف من الأشخاص الذين يحملون اسم محمد قد غادروا الاسلام باتجاه دين آخر، أو خرجوا من الإسلام باتجاه "المنطقة البيضاء" وأعني بها تلك المنطقة التي لاعلاقة لها بتاتا بأي دين من الأديان المعروفة، واذا ما خُيرت شخصيا بإطلاق اسم ديني على المنطقة البيضاء، فاني سأقول انها دين الانسانية حيث يكون فيها الإنسان بصفته انسانا فقط هو المقدس الوحيد، لكن الجديد والمثير في قصة محمد حجازي هي جرأته ورباطة جأشه وإعلانه تحوله الى المسيحية على الملأ الإسلامي، وقد توج كل ذلك برفعه دعوى لتثبيت ديانته الجديدة في صحيفة أحواله الشخصية، وهذا ماجعل قصته تخرج من أسوار بيته لتصل الى أسماع العالم كله.
لا أريد الدخول في المتاهات المفترضة التي يريد البعض تخيلها حول مدى الحرية المتاحة للإنسان المسلم في تغيير دينه، فتلك المتاهات أُطيحَ بها جميعا على مرأى ومسمع كل العالم من قبل كبار رجال الدين الإسلامي، وبالاستناد الى بحر من النصوص التي لا تترك مجالا للمسلم الذي يختار دينا آخر، أو المسلم الذي يختار الخروج بعيدا عن دائرة الأديان إلا القتل والقتل فقط.
أما أصحاب النوايا الطيبة من المسلمين فلن يجدوا ما يدعمهم في بناء متاهاتهم تلك، إلا نصاً ضعيفاً واحداً لأبي حنيفة النعمان يدعو فيه الى عدم بناء الاحكام على أحاديث الآحاد، على أساس أن حديث "من بدل دينه فاقتلوه" وغيره من الأحاديث التي ورد بها حد الردة هي من أحاديث الآحاد، دون أن ينتبهوا لكثير من الآيات القرأنية التي تدعو علانية الى قتل الآخر، وكذلك دون أن ينتبهوا الى سنة محمد "العملية" واعطائه أوامر بقتل من علم بأمر ارتدادهم عن دينه في زمانه، وكذلك حروب الردة التي شنها أبو بكر وراح ضحيتها المئات، وعليه فإنّ أصحاب النوايا الطيبة من المسلمين لا يسعهم إلا الاعتراف بأنهم يمثلون صوت الأقلية، بينما صوت الأغلبية تمثله النصوص الصريحة والأعمال الإجرامية القبيحة التي ارتكبت ضد الآخر على مر التاريخ.
لا يفيد هنا أبدا ترديد آيات قرآنية منسوخة لاقيمة لها، وهو ما أكد عليه كثير من رجال الدين المسلمين، وللبقية القليلة الباقية منهم الذين يدَعون زورا وبهتانا بأن الاسلام كفل للمسلم حقه بتغيير دينه، وهؤلاء عمليا لا يعترفون بالناسخ والمنسوخ في النص القرآني، فلن أحيلهم الى زملائهم من كبار رجال الدين الاسلامي ليردوا عليهم مستندين الى القرآن والسنة، وانما أطالبهم أن يعملوا بآية "يا أيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون" بما تعنيه من اباحة شرب الخمر والوصول الى حالة السكر خارج أوقات الصلاة طالما هم لا يعترفون بالناسخ والمنسوخ. من المعروف للجميع أن تلك الآية قد نُسخت بآية أخرى حرمت شرب الخمر نهائيا وهي " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون".
ان هؤلاء الذين يحاولون عبثا تأويل النص القرآني بما ليس فيه، وسعيهم الدائم الى تصوير الدين الإسلامي على انه دين رحيم ومتسامح ومسالم وفيه قدر كبير من الحرية. ان هؤلاء برأيي الشخصي أشد خطرا من أصحاب الوجوه الواحدة والمعروفة والذين لا يترددون إطلاقاً بتعريف الاسلام كنص يسيطر لون الدم على أغلب ان لم أقل على كل مساحته، وهو ما عاشه واقعا أبناء تلك المنطقة وما أصبح يعيشه اليوم العالم أجمع في ظل هذا الخطر الاسلامي. بالتأكيد أستثني هنا كثيراً من أصحاب النوايا الطيبة من المسلمين الذين إن انتبهوا على أعمالهم سيكتشفون أن لا علاقة تربطهم بالاسلام إلا خيط رفيع انتقل اليهم بالوراثة. على هذا الاساس أدعو الى تغيير المقولة التي يرددها الكثيرون والتي تقول "ليس كل المسلمين ارهابيين ولكن كل الارهابيين مسلمين" لتصبح كالتالي "ليس كل من يدخل الى المسجد ارهابيا ولكن كل الارهابيين المجرمين خرجوا من المسجد" وذلك بهدف التركيز والقاء الضوء على الدور الخطير للنصوص الاسلامية في صناعة الارهاب والارهابيين، وبهذا النص لا نظلم ملايين المسلمين الذين لا يربطهم بالاسلام غير ذلك الخيط الرفيع والذي يزداد تآكلا بمرور الزمن.
ان نبي الاسلام محمد نفسه لو خرج للحياة اليوم، فإنه سيقف مشدوها فاغرا فاهُ من هول الصدمة، قبل أن يصحو ويقلب على قفاه من فرط الضحك على هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون بتلك الكذبة الكبرى ويروجون لها والتي كذبها قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، ولو ولد نبي الاسلام نفسه هذه الأيام في ظل ظروف طبيعية، وتلقى مستوى راق من التعليم، دون ان يكون للمسجد أي دور في حياته، فإنه بالتأكيد سيسبق محمد حجازي في الارتداد عن دين عبر عن طبيعته الدموية أفضل تعبير رجالات الأزهر عبر الفضائيات ردا على ردة محمد حجازي.
حسين ديبان، كاتب فلسطيني hdiban69@yahoo.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط