الحل للعلويين السوريين: هو قيام دولتهم المستقلة وبضمانات دولية
*********
بعد أن خرج "إعلان قندهار" بروحه الطالبانية السنية العروبوية إلى العلن خرجت معه الفضائح الطائفية ونيات أصحاب الإعلان المخبأة لإقصاء الآخر عبر استبعادهم للسياسيين والمثقفين العلويين من المشاركة بأي شيء يخص بلدهم. بين هذه الفضائح حقيقة أن الأخوان المسلمين رياض الترك الذين ينسقون سراً منذ فترة طويلة على صياغة الإعلان أرادوا مفاجأة السلطة ولهذا فقد قرروا "عدم إعلام أي علوي" بالمشروع وكلمة علوي هنا تنسحب حتى على المعارض العلوي الذي قضى سنوات طويلة في السجن. هذه الروح الطائفية ليست غريبة على الأخوان الذين ذبحوا العلويين حتى المعارضين منهم للنظام على الهوية في نهاية سنوات السبعينات وسنوات الثمانينات الأولى. كما أنها ليست غريبة على حزب رياض الترك، فتصريحات أحمد محفل مسؤول التنظيم في الخارج عن العلويين مازالت تزكم الأنوف بالعفونة الطائفية لحزب الترك وكذلك اتهام رياض الترك بأن علي دوبا هو من وقف وراء تأسيس رابطة العمل الشيوعي (حزب العمل الشيوعي) لم تُنس بعد، بل وحتى السلوك الشخصي لرياض الترك نفسه في العلن (كالحادثة الشهيرة التي وقعت في المحكمة عندما نادى المحامي خليل معتوق لرياض الترك "أبو هشام" فالتفت رياض الترك إليه ثم أدار وجهه ثم كرر معتوق مناداته "أبو هشام" راكضاً إليه فما كان من الترك إلا أن نظر إليه قائلاً: "فكرت أنك العلوي منيف ملحم"). فالإقصاء على أساس الدين هو الفضيحة الأولى في إعلان قندهار السوري.
من الفضائح الأخرى التي خرجت الآن أنه عندما نوقش أمر توقيع سجناء الرأي على الإعلان جاء الأمر إلى ذكر اسم عارف دليلة وعبد العزيز الخير فخرج الأخوان وحزب رياض الترك بنتيجة أن سجن دليلة والخير هو تمثيلية من صنع السلطة تشبه تمثيلية نزار نيوف الذي يدعي المعارضة، بينما هو مُرسَل من قبل السلطة لتشتيت المعارضة في الخارج، وهذه فضيحة ثانية.
مما يتم تداوله الآن أن الأخوان وحزب رياض الترك يضعون خطط العمل وبرامج تنظيمية تعتبر التشريع الذي سينظم سورية في المستقبل وقد اختلفوا أكثر من مرة أثناء وضع البرامج عن شكل الإمارة الإسلامية القادمة، فمرة أصر الأخوان أن السينما والمسرح والتماثيل يجب أن تحرم فاعترض عضو حزب رياض الترك الذي ينسق معهم وما زال الأمر عالقاً، وهذه فضيحة ثالثة. ولا عجب بذلك لأن جماعة الأخوان وجماعة رياض الترك من المعجبين بالمجاهد أبو مصعب الزرقاوي وبأسامة بن لادن. ولن نستغرب إن يثبت لنا مستقبلاً أن تمويل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي سيدعو إليه الأخوان المسلون ورياض الترك في كانون الثاني هو نفس مصدر تمويل القاعدة وبن لادن والزرقاوي.
بعد "إعلان الطالبان" بنسخته العربية بدأ الأخوان المسلمون يكبرون باسم الله ويدعون لقتل العلويين وذبحهم ويعدون بشلالات الدم العلوي التي ستسيل و"بإذن الله" والثواب الذي سيكسبونه عند "قتل الكفار والمشركين بالله" ومن يجوب على الانترنت ويقرأ ماذا يكتب ويسمع ماذا يقال يشعر بالقرف منهم ومن الإعلان الذي أخرجهم من جحورهم.
إذا كان إعلان طالبان السوري الذي صدر بتاريخ 16تشرين الأول 2005 قد أثبت من جديد أن الروح الطائفية تلبس ليس فقط الأخوان المسلمين والذين لهم تاريخ أسود في ذبح العلويين على الهوية بل أيضاً حزب رياض الترك الذي يدعي غير ذلك وجماعة حسن عبد العظيم الذين يدعون القومية، بل لم يتباطأ فريد الغادري بالانضمام إلى الحظيرة الطائفية، فالسؤال الذي يجب طرحه الآن وأكثر من أي وقت مضى أين يقف العلوي الذي لم يفكر بانتمائه العلوي سابقاً مما يحصل الآن؟ وإذا كان النظام القائم والذي لم يمثل العلويين يوماً آيل للسقوط فما هو مستقبل العلويين في سورية إذا كانت العصبية القبلية العشائرية الطائفية تحرك نخبة السنة مثل عوامهم وجهلتهم؟
أثبت "إعلان السنة" العرب السوريين وما يتسرب الآن عن التخطيط السابق له أن العلوي الذي لم يكن يوماً مستفيداً من النظام بات يحتاج لفحص دمه ليثبت أنه وطني، لن ينفع العلويين الكلام الآن كما لم ينفعهم سلوك الماضي القريب عندما قام عدد من العلويين بالطلب لبناتهم ونسائهم بلبس الحجاب فقط ليثبتوا للسنة أنهم مثلهم، حتى وهناك من العلويين من بنوا الجوامع وزادوا في عددها فقط ليثبتوا أنهم مثل بقية المسلمين. بالمقابل ينظر إليهم على أنهم خونة ولا يؤتمنوا كي يشركوا في مناقشة الوضع السياسي لبلدهم ويجب إقصاؤهم عن كل شيء. العلويون (وباعتقاد الكثيرين أيضاً أن العلمانيين وكل أصحاب الديانات والقوميات الأخرى الموجودة على الساحة معهم، وخاصة الأكراد) باتوا يقلقون ومن الطبيعي أن يخافوا مادام صوت الأخوان وحلفائهم القوميين يشير إلى الاتجاه الذي يراد لسورية أن تسير به وهو اتجاه الذبح على الهوية. العلوي الذي عاني مرة من السلطة الحالية، والتي يتقاسمها العلوي الفاسد مع السني الفاسد، لن يقبل بأن يعاني مرة أخرى من ظلم الزرقاويين السوريين وحلفائهم، لم يعد أمام العلوي وسط هذا الجو من التهديد والوعيد بالقتل والذبح على الهوية إلا تنمية الصوت المنادي بالاستقلال عن سورية والعيش في دولة مستقلة. لقد كان لأهلنا دولة وهي: "دولة العلويين المستقلة"، نريد العودة إليها مع أننا لا ندعو فيما بيننا إلى مثل هذه الهوية ولكن حاجتنا إليها هي بمطلقها لحماية أنفسنا من ذبح الإسلاميين الذين يشهد حاضرهم وماضيهم على الذبح برخصة من ربهم. و"دولة العلويين المستقلة"، مهما كان الاسم الذي سيعطى لها، هي الضمان الوحيد أمامنا لنحفظ دماء أطفالنا وأهلنا التي يعدنا الإسلاميون أصحاب الإعلان بأنها ستسيل شلالات. ربما يتحتم على المثقفين العلويين أخذ هذا الموضوع بجدية أكثر بدلاً من تجاهله، والعمل على إثارة هذا الخوف في المحافل الدولية هو الواجب الإنساني الذي يقع على المثقفين العلويين ومن يتفهمهم، وهي الأمانة التي يجب حملها وإثارة الموضوع على كافة المستويات قبل أن يصبح الوقت متأخراً وعندها لن ينفع الندم، يجب توصيل هذا الخوف بالتحديد إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وإلى الأمم المتحدة، مع الثبوتيات المتوفرة، مع التركيز على أن العلويين هم علمانيو الاتجاه ينبذون العنف ولا علاقة لهم بالعنف والدم الذي سيله الأخوان والسلطة على السواء في السبعينات والثمانينات كي يحملهم الأصوليون تبعات أي شيء، بل وأكثر يجب التركيز على من قتلهم الأخوان بالدم البارد وتعدادهم بالآلاف.
العلويون أصبحوا بحاجة لحماية دولية تضمن لهم حق الاستقلال والعيش في دولتهم المستقلة، هم بحاجة الاستقلال لحماية دماء أطفالهم ومسنيهم من سيوف الزرقاويين السوريين.
وللأفراد العلمانيين من السنة أن يفهموا أن مناداتنا بدولة مستقلة هو بدافع الاضطرار لحماية أنفسنا وليس لأننا نحب الانعزال، وعندما يثبت لنا في المستقبل أن خطاب جيراننا الزرقاويين السوريين في دولتهم الخاصة بهم سيتغير، عندها سنفكر بشكل آخر في دولتنا العلمانية وفيما إذا كنا نريد نمط آخر للعلاقة معهم.
انتهى ولم ينته!
*******************
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط