هشام محمد / Nov 23, 2006

ـ 1 ـ

هل تذكرون ماذا سمع رائد الفضاء "نيل ارمسترونغ" عندما حطت مركبته الأمريكية على سطح القمر عام 1969؟

 

لقد سمع صوت الآذان يشحن أركان الفضاء الممتدة بلا نهاية!  لا تتذاكى وتسأل لمن كان الآذان؟  صحيح.. لا يُعرف أن هناك مسلمين يسكنون القمر.. ولا مسلمين يجوبون درب التبانة مسافرين بين الكواكب والنجوم.  لكن من يدري، فربما كان أحد الملائكة يؤذن للصلاة في جمع من بني جنسه، فهم يصلون كما نصلي!..  أو وربما كان الآذان رسالة إلهية ألقى بها الله من فوق على هذا المتطفل الأمريكي لعله يهتدي إلى دين الحق.  من سوء الحظ أن الآذان مثل القرآن لا يترجم نصاً كي يفهمه ارمسترونغ ويتشرب معانيه.  ومن سوء الحظ أيضاً أن فطرة ارمسترونغ قد عبث بها أبواه المسيحيان منذ نعومة أظافره، فتربى نصرانياً يقدس الثالوث ويأكل الخنزير.  نسي ارمسترونغ، أو ربما أنساه الشيطان الرجيم، عندما عاد للأرض ما سمعه فوق القمر.  مرت عشر سنوات أو أكثر، حتى شاءت الأقدار أن يزور ارمسترونغ مصر المحروسة.  هناك، وبينما كان يسير في شوارع قاهرة المعز، تناهى إلى آذانه صوت غريب سبق له أن سمعه في مكان ما وزمان ما، صوت ظل يدق بقبضته على جدران الذاكرة.  آه.. نعم! إنه هو ذاك الصوت الغريب وذاك اللحن الشجي الذي سمعه بينما كان يمشي على القمر.  ماذا حصل بعد؟  طبعاً، لقد أسلم ارمسترونغ بلا تردد، وحسن إسلامه!!

 

ـ 2 ـ

هل أتاكم حديث يوسف؟  يوسف هذا رجل مسيحي لبناني في الأربعين من عمره.  في يوم مفصلي في حياته، غاص يوسف بصحبة صديقه المسلم في مياه البحر المتوسط.  هناك، وعلى عمق 42 متر تحت الأرض، وجد الاثنان كهفاً تسبح حوله أسماك عجيبة لم يشاهدا مثلها قط.  الأغرب من ذلك ما سمعه الرجلان.  أتدرون ماذا سمعا؟  آذان يأتي من جوف الكهف!  مرة أخرى، ها نحن أمام النسخة المائية المقابلة لأختها النسخة الفضائية، وما بينهما آذان يمتد من أعمق نقطة في البحر ليلتقي بأعلى نقطة في السماء.  أهو آذان حقيقي أم حلم شاهق يؤسس للإسلام قواعده في البحر وقبابه في السماء؟!

 

هل أحدثكم أيضاً عن المرجان البحري الذي تحول إلى أبجدية تنسج اسم الله أكبر على بساط الماء؟  وهل أحدثكم عن البطاطا التي تلبست اسم الله في رحم التراب قبل أن توقد الدهشة في عيون من شاهدوها؟  وهل أخبركم عن تلك الجرادة التي تروج لشهادة التوحيد على جناحيها الصغيرين كما تروج أجساد السيارات للمنتجات الاستهلاكية من حلوى وشامبوهات وأجهزة النقال؟! 

 

ـ 3 ـ

نتف كثيرة تتطاير في فضاء الانترنت الرحب.  كل ما تحتاج إليه، هو جهاز كمبيوتر ومودم وحب عارم للإسلام لتصنع بقدر متواضع من مهارات التعامل مع الكمبيوتر، وبقدر أقل تواضع من الخيال، معجزةً إلهية كبرى عجز عن الإتيان بها حتى نبي الإسلام ليستعيض عنها بالقرآن بديلاً.  ستجد آلافاً مؤلفة من زبائن من كل الأعمار والفئات تطارد السراب، وتتعاطى الوهم، وتمتهن الخرافة، وتنبذ العقل.  تلتحم الأكاذيب بالإسلام، لترتقي إلى مصاف أحاديث أبي هريرة وملائكة بدر.  ويغدو التشكيك في مصداقية الحكايات الغرائبية، والتشكيك أقل منزلة من التكذيب والتفنيد، مرادفاً لهشاشة إسلام الفرد وأنيميا الإيمان!  جرّب ما سيحدث لك لو أنك ـ مثلاً ـ  سخرت مما يحكى عن عرق النبي العطري.. وعن لعابه الشافي.. وعن يعفور الحمار الذي انتحر لوفاة النبي.. وعن الشجرة التي جاءته مسلمة.. وعن الغزالة التي حدثته عن صغارها!!!

عندما ضحكت من حكاية البطاطا "المتأسلمة" قال لي زميلي غير المتدين: "بالطبع، فأنت لا ينتظر منك أن تصدق بذلك وأنت العلماني حتى النخاع؟"  ترى يا عزيزي لو جئت لك بباذنجانه على هيئة نجمة داود أو ببرتقالة على هيئة الصليب، كيف ستكون ردة فعلك؟  ربما ستنقلب على قفاك من شدة الضحك على هذا التلفيق والاستغباء، وربما ستستنجد بعقلك لتدحض يهودية الباذنجانة ومسيحية البرتقالة.  ويا ترى يا عزيزي لماذا يبوح الله بأسراره لشخص واحد مثل ارمسترونغ أو يوسف دون سواهما من بلايين البشر غير المسلمين؟  أليس من شروط المعجزة أن يراها البشر كافة؟  ثم أليس من العدالة الإلهية أن يفسح المجال لكل البشر دون استثناءات لمعايشة المعجزة بالصوت والصور، حتى لا يبقى لهم أي عذر يتعكزون عليه يوم الحساب؟

 

مشكلة هؤلاء مع الإسلام أنهم لا يملكون ما يبهرون به العالم أو يقنعون به غيرهم لهذا يحترفون صناعة الأكاذيب وتوزيعها على أتباعهم البسطاء الذين لا يجدون سبباً للتشكيك في أي شيء حتى لو قيل لهم أن النبي محمد نزل من عليائه الفردوسية، أو تسلل من قبره ليحضر في غلالة من النور البهي مسجد الشاذلية بحي المهندسين في القاهرة!!!

 

مصيبة هذا العقل ليست وليدة اليوم، فالعقل الذي صدق كذبته بشأن إسلام ارمسترونغ ويوسف والبطاطا والجرادة هو ذات العقل القديم الذي وزع شهادات الإسلام على كل من النجاشي وسيف بن ذي يزن وأبي سفيان!

=============             

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط