بسام درويش / Mar 30, 2014

يعود استخدام المسيحيين الناطقين بالعربية لكلمة "الله" كإسم لإلههم إلى ما قبل ظهور الإسلام، واسم محمد نفسه، "محمد ابن عبد الله"، يكفي لتأكيد ذلك، إذ من الواضح بأنه حين تسمّى أبوه أو جده بهذا الاسم لم يكن هناك وجودٌ للإسلام أو المسلمين.

على أيّ حالٍ، ليس البحث في أصل هذا الاسم دينياً أو لغوياً هو محور حديثي. هذا الأمر أتركه لمن هم أوسع معرفة مني في تاريخ ما قبل الإسلام وفي اللغات العبرية والآرامية والسريانية التي يُرجّح اشتقاق الاسم منها.

ما حملني على الحديث عن هذا الموضوع هو قيام الحكومة الماليزية، بناء على فتوى من "علماء" الدين المسلمين فيها، بمنع المسيحيين وغيرهم من استخدام اسم الله في صلواتهم أو من التسمّي به، وذلك بحجة أن هذا الاسم هو حكر على المسلمين فقط ولا يحق لـ "الكفّار" استخدامه على الإطلاق.

************

هذا القرار، على الرغم مما يمثله من عدوان على حريات غير المسلمين، علاوةً على سخفه، فإنني وبكل صراحةٍ أؤيده واشجّع المسيحيين على الإسراع بتطبيقه واستخدام أيّ اسمٍ آخر يختارونه لإلههم غير "الله"، حتى ولو كانوا قد سبقوا المسلمين إليه.

مفهوم الإله في المسيحية يختلف كل الاختلاف عن مفهومه في الإسلام، واستخدامه من قبل المسيحيين لا يشرّفهم بعد ما أصابه من تشويه منذ ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا. في الحقيقة، ما هو الأمر العظيم على أيّ حالٍ في استخدام اسم غيره...؟ المتكلمون بالإنجليزية يدعونه GOD أو LORD  والفرنسيون يدعونه DIEU والطليان يدعونه DIO  والإسبان DIOS  وله أسماء كثيرة مختلفة في لغات أخرى. في الواقع، إن كثيراً من الناطقين بالعربية، وخاصة من الطوائف البروتستانتية، يستخدمون كلمة "الرب" للإشارة إلى الإله عوضاً عن "الله"، ومجرّد مناداته باسمٍ آخر لم يسئ إلى العلاقات بينهم وبينه!

في الماضي، كنتَ إذا سألتَ شخصاً لا يعرف شيئاً عن الإسلام إذا كان بإمكانه تعريف كلمة "الله"، فإنه كان يحكّ رأسه بحثاً عن جواب؛ أما الآن، فإن سألت أي شخصٍ غير عربي ـ لا بل وحتى كثيرين من العرب أيضاً ـ تعريفاً لكلمة "الله"، فإن أول ما يخطر في ذهنه هو عبارة "الله أكبر" وما يرافقها من صور الدمار في المباني التجارية والمدارس والمستشفيات وحافلات النقل والطائرات، وصور الرؤوس التي تُقطع، والدماء التي تسيل، وروائح الموت التي تفوح في كل مكانٍ كان للإرهاب الإسلامي فيه يدٌ. 

إنّ المسيحي الشرقي حين يذكر اسم "الله" فإنه غالباً ما يحتاج إلى التوضيح لسامعه ـ كي يخفف من قلقه ـ بأنه ليس مسلماً وأنّ الله الذي يؤمن به ليس هو الله نفسه الذي يؤمن به المسلمون...! فلماذا هذا العناءُ إذاً...؟ دعوا هذا الاسم لهم. أيّ اسمٍ آخر لا يهمّ... المهمّ هو التمييز بين الأيديولوجيتين! 

================= 

=========== 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط