بسام درويش / Sep 29, 2001

انطلقت الزغاريد من الحناجر. رقص الناس صغاراً وكباراً. وزّعوا الحلوى. أطلقوا العيارات النارية ابتهاجاً. رفعوا اليافطات والأعلام. فاليوم بالنسبة للمسلمين يوم عيد ويوم فرح!

 

في هذا اليوم، آلاف الأبرياء من الناس، رجال أعمال، موظفون، عمال، نساء، أطفال، آباء، أمهات، سياح، وطلاب.. حُرِقوا وهم أحياء. دُفنوا تحت الأنقاض وهم أحياء. تطايروا من النوافذ أشلاء مبعثرة.

رجالُ إطفاء وعمالُ إنقاذ لم يكونوا ليتأخرون يوماً عن الذهاب إلى أي مكان في العالم لتقديم العون لضحايا الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية، لا يهمهم لون أحد ولا دين أحد. دفنوا أيضاً وهم أحياء.

 

موت هؤلاء الأبرياء أسعد أولئك الرعاع. أطلق من حناجرهم الزغاريد.

بكاء الأطفال الذين يُتِّمـوا والأمهات والآباء والأزواج الذين ثُكلوا، تحول إلى موسيقى عذبة يرقص على أنغامها الحاقدون.

مات هؤلاء الأبرياء كلهم، ليكون لأولئك الرعاع يوم عيد.

********

على أثر وقوع الاعتداء البربري الوحشي، ارتفعت أصواتُ منظماتٍ إسلامية في أميركا تندد بمنفذي العمليات الإجرامية مطالبة الأميركيين بالتروّي والتعقّل والابتعاد عن التسرّع بالحكم، مؤكدة لهم أن تعاليم الإسلام لا تدعو إلى العنف بل إلى السلام والتسامح.

قبل وقوع هذا الاعتداء وكلّ اعتداء سابقٍ آخر قام به مسلمون، لم يُسـمع لمنظمة إسلامية أو لزعيم إسلامي صوتٌ يطلب من أولئك الذين لا يكفون عن شحن الصدور بحملات الكراهية ضد الغرب والمسيحيين أن يتحلّوا بالتعقّل وأن يعملوا على إحلال السلام والتسامح الذين يتحدثون عنه. على العكس تماماً، كان زعماء هذه المنظمات يعزفون ليغني هؤلاء على موسيقاهم.

نسمعهم الآن يقولون، "إن أولئك الذي يحملون السلاح ويقتلون الأبرياء ويختطفون الطائرات ويفجرون أنفسهم داخل الأبنية المكتظة بالناس وغيرها.. ليسوا إلا قلة لا تمثل الإسلام والمسلمين!"

كلام صحيح لا غبار عليه إذا نظرنا إليه من وجهة نظر إحصائية فقط. ولكن حين نقرأ الصحف العربية والإسلامية.  حين نرى ونسمع البرامج التلفزيونية والإذاعية.  حين نصغي إلى شيوخ المساجد وخطب الزعماء العرب والمسلمين، المشحونة بالبغض وبالتحريض على كراهية الغرب. فإننا نعرف آنذاك أن الإرهابيين ليسوا قلة. إنهم أغلبية ساحقة.

 

المواقع الإسلامية على الإنترنيت تزخر بالتحريض على كراهية هذا البلد الذي فتح أبوابه وقلبه للمهاجرين من كل أنحاء العالم بغض النظر عن معتقداتهم وألوانهم. حتى الأحاديث في سهرات العرب المسلمين، ولو كان اجتماعهم في خمارة حول زجاجة خمر، فإن طابع العداء لهذا البلد وهذه الأمة هو الغالب عليها.

أين كان هؤلاء الذين وقفوا اليوم يرفعون أصواتهم مطالبين الشعب الأميركي بالتروي والتحلي بالحكمة. لماذا لم نسمع هؤلاء من قبل يحاضرون أبناء جلدتهم ودينهم، يحضونهم على محبة هذا البلد وعلى تقدير النعمة التي يعيشون بظلالها.

قلة من الضمائر الحرة فقط كان لدى أصحابها ما يكفي من الجرأة لأن يقفوا محذّرين من التمادي في التحريض على كراهية هذا البلد المضيف وشعبه الطيب. ولكن نصيب هذه النخبة القليلة من الناس، كان دائماً الشتم والتعريض بكرامتهم واتهامهم بالكفر بالتاريخ والأمة والدين.

**********

هل يرى هؤلاء الرعاع الهازجون الراقصون فيما قام به المجرمون عملاً بطولياً؟..

هل رأى هؤلاء الرعاع أو سمعوا بأميركيين يخرجون إلى الشوارع يهللون لقتل فلسطينيين أو عرب أو مسلمين؟ إنّ عدد القتلى من المسلمين الذين سقطوا ولا زالوا يسقطون على أيدي أخوانهم المسلمين أكبر بآلاف المرات من عدد الذين قُتلوا أو يُقتلون على أيدي غير المسلمين. فلماذا لم يوجه القتلة طائراتهم المخطوفة إلى معاقل هؤلاء الذين يقتلون أخوانهم في الدين؟..

 

هل هناك مسلم بكامل قواه العقلية يعتقد حقاً أن هؤلاء القتلة المجرمين قد توجهوا إلى السماء بعد ارتكاب جريمتهم؟..

إذا كانت السماء حقاً مأوى لهؤلاء المجرمين، فهنيئاً لهم ولكل المصفقين والراقصين والمهللين بها.. بئس السماء تلك التي تؤوي إليها المجرمين. بئس الإلهُ ذاك الذي يشجّع على قتل الأبرياء ويكافئ القتلة. وبئس الدين الذي يحض على القتل والكراهية.

********

إن الإدعاء بأن الإسلام يخلو من دعواتٍ إلى العنف يستند إليها الإرهابيون في ما يرتكبونه من مجازر، سواء كان ذلك بحق شعوب العالم أو بحق أخوانهم في الدين نفسه، هو ادّعاء باطلٌ كبطلانِ وصفِ القرآنِ بأنه كتاب مقدس.

هذا الكتاب يزخر بالدعوات إلى القتال، وخاصة، قتال اليهود والمسيحيين. يزخر بالدعوات إلى الجهاد بالمال والنفس في سبيل نصرة الله ومحمد. ويدعو بصراحة ووضوح إلى عدم الثقة بالمسيحيين واليهود وعدم اتخاذ أصدقاء من بينهم. كل كتب الدين الإسلامية تزخر بتعاليم الكراهية للآخر، لا بل كل كتب المدارس الإسلامية وخاصة كتل الأطفال.

 

تجاهل هذه الدعوات من قبل زعماء الجاليات الإسلامية واستشهادهم بآيات أو أحاديث مبتورة بعيدة عن المضمون لغاية إقناع غير المسلمين بأن تعاليم الإسلام بريئة من الدعوة إلى العنف، ليس إلا خداعاُ لأنفسهم قبل أن يكون خداعاً لآخرين. ولقد صدق إمامٌهم عليّ بن طالب حين قال، "القرآن حمّـالُ أوجُـهٍ!"

 

أحد مشايخ المسلمين الذين شاركوا في إقامة صلوات في الكنائس الأميركية بعد وقوع الاعتداء، وقف يعلن من وراء المنبر للمصلين من المسيحيين، أن الإسلامَ دينٌ ينهى عن قتل النفس، واستشهد من القرآن بجزء من آية فقال، يقول القرآن، "من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". وتحدث رجل دين إسلامي آخر على برنامج إذاعي، مؤكداً للمستمعين أن الإسلام ليس فيه أية دعوة إلى العنف على الإطلاق وقال أن القرآن ينهى عن قتل الناس إذ يقول، "ولا تقتلوا نفساً خلقها الله".

ونحن إذا أخذنا بعين الاعتبار شدة حرص المسلمين على عدم ذكر جزء من آية قرآنية بشكل مبتور يؤدي إلى تغيير المعنى المقصود منها، فإننا نعرف مقدار الارتباك الذي شعر به هؤلاء الذين وقفوا أمام جمهور المسيحيين الأميركيين يدفعهم هذا الارتباك إلى بتر الآيات بتراً وهم يحاولون تبرئة الإسلام مما قام به الإرهابيون المجرمون.

 

تقول الآية القرآنية الأولى التي تصرّف بها الشيخ المسلم في الكنيسة: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْـرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسـادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَــاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَــا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ( 5 : 32 ) وفي هذه الآية نرى واضحاً أن الشيخ قد أسقط عبارة "بغير نفس أو فساد في الأرض" لأنه خشي أن يقف أحد الناس في الكنيسة فيطلب منه شرح ما تعنيه عبارة "بغير نفس أو فساد في الأرض".

وتقـول الآية القرآنيـة الثانية التي استشهد رجل الديـن الآخر بجزء منها بالإنكليزيـة بشـكل لا يخـدم معنـاها الحقيقي ( Do not ever kill the life that God has made ) :

"قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَـيئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تقتلوا أولاَدَكُم منْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّـاهم وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقتلـوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحقّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (6 : 151) وهنا ايضاً نرى واضحاً كيف تحاشى الشيخ أداة الاستثناء وما بعدها من مستثنىً خوفاً من أن يسأله مضيف البرنامج عما إذا كان الإرهابيون يعتقدون أنهم بقتلهم للناس ينفذون حكم الله الحق فيهم أم لا.

إنه لغريب جداً أن يعجز رجال الدين المسلمون عن الإتيان بعبارة واحدة كاملة من القرآن يمكنهم أن يستندوا عليها في عملية إقناع الأميركيين بان الإسلام دين لا تشجيع في تعاليمه على العنف. إنه دليل واضح على مدى ارتباك المسلمين بعد كل عمل إرهابي يرتبط فيه اسم الإسلام.

 

حين سأل مقدم البرنامج الإذاعي الذي أتينا على ذكره الشيخَ الأخير عن رأيه فيما ذكره أحد الذين اتصلوا هاتفياً بالبرنامج عن حقيقة دعوة القرآن الصريحة لقتال اليهود والمسيحيين حتى يؤمنوا بالإسلام أو يدفعوا الجزية وهم صاغرون، أخذ الشيخ يأتي بآيات لا علاقة لها بالسؤال لا من قريب ولا من بعيد، وبعد أن كرر المذيع سؤاله مرة بعد مرة، أجاب الشيخ بقوله إن الذي استشهد بهذه الآية لا يعرف العربية وأن كثيراً من العرب أنفسهم لا يفهمون القرآن!

 

تعالوا نستعرض هنا بعض ما في القرآن وكتب الحديث من تعاليم تتعلق بالمسيحيين واليهود:

القرآن يحض المسلمين على ألا يأمنوا لليهود والمسيحيين وأن لا يتخذوا منهم صاحباً ومن يتخذ منهم صاحباً فإنه ليس إلا واحداً منهم: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولاَّهم منكم فإنه منهم إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين." المائدة 5 : 51

يهدد القرآن اليهود والمسيحيين بطمس وجوههم إذا لم يؤمنوا به: "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنـوا بما نزَّلنا مصدقـاً لما معكم من قبلِ أن نطمس وجوهاً فنردَّها على أدبارها.." النساء 4: 47

يأمر القرآن المسلمين بقتال اليهود والمسيحيين حتى يؤمنوا أو يدفعوا الجزية، وحتى لو دفعوا الجزية فإن عليهم أن يعيشوا تحت حكم الإســلام وهم أذلاء: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله: كالخمر - ولا يدينون دين الحق: أي الثابت الناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام - من الذين أوتوا الكتاب: أي المسيحيين واليهود - حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون: أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام." التوبة 9 : 29

يعد محمد المسلمين بأن لن يبقى على أرض العرب دينان: قال الإمام مالك، كان آخر ما تكلّم به رسول الله قال: "قاتل الله اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيـائهم مساجد، لا يـبـقـيـنّ دينــان بأرض العرب." (صحيح بخاري)

القرآن يحدد جزاء الذين يحاربون الإسلام أو يُـتَّـهَمون بأنهم يعيثون في الأرض الفساد: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقْتَلوا أو يُصْلَبوا أو تُـقْطَعَ أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو يُنْفوا من الأرضِ ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخـرة عذابٌ عظيم." 5 المائدة : 33 .

يأمر محمد أتباعه بقتال اليهود إلى يوم القيامة ويعدهم بأن الحجر سينطق ويساعدهم على قتل آخر يهودي: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله." (صحيح بخاري) وفي حديث آخر عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال "أنَّ رَسولَ اللَّه صلّى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يقاتِلَ المسلمون اليهودَ فيَقتُلهم المسلمونَ حتى يَختبئَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ فيَقول الحجرُ أَو الشجرُ يا مسلمُ يا عبدَ اللَّه هذا يهوديٌّ خلفي فتعالَ فاقتله إلاّ الغرقدَ فإنّه من شجرِ اليهود ". (رواه مسلم)

وضع محمد في عقول أتباعه بأن المسيحيين أناسٌ لا يملكون عقلاً: قال رجل لمحمد، "يا رسول الله ما أعقل فلاناً النصراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، (أي أكفف!) إن الكافر لا عقل له، أما سمعت قول الله تعالى {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير.} سورة الملك 76 : 10 (لا بد من الملاحظة هنا بأن الكفار الذين لا عقل لهم ابتكروا كل وسائل الراحة والرفاهية من التلفزيون الى التلفون والسيارة والطيارة وغيرها مما يتنعم به المسلمون بما في ذلك المطابع لطباعة القرآن.)

يأمر القرآن المسلمين بالقتال حتى ولو كرهوا أن يقاتلوا: "كُـتِـبَ عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّـوا شيئاً وهو شـرٌّ لكـم والله يعلم وأنتم لا تعلمون." 2 البقرة 216 .

يعلّم محمد المسلمين بأن الله تعاقد معهم على القتال من أجله ويدّعي بأن الله فعل الأمر نفسه في الإنجيل: "إنَّ اللـه اشـترى من المؤمنين أنفسـهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَـقتـُلون ويُـقـتَـلون وعداً عليـه في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بوعده من الله فاستبشـروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم." 9 التوبة : 111

القرآن يأمر بقطع رقاب الكفار: "فإذا لقيتم الذين كفـروا فـضـرب الرقـاب (أي اقـتـلـوهم بضرب رقابهم) حتى إذا أثخنتموهم (أي أكثرتم فيهم القتل) فشـدّوا الوثاق فإما مَـنـًّـا بَـعْـدُ وإمـّـا فِـداءً (أي ولكم أن تطلقوا سراحهم فيما بعد أو تبادلوهم بأسـرى من المسلمين أو المال) حتى تضع الحرب أوزارهـا ذلك ولو يشـاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قُـتِـلوا في سـبيل الله فلن يضلَّ أعمالهم." 47 : 4

 

الإسلام يشرّع الاغتيال ويشجّع على الثأر:

ـ بلغ محمداً أن ناساً من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، وكان بيته عند جاسوم، يثبِّطون الناس عن محمد في غزوة تبوك (أي يشجعونهم على عدم المشاركة في الغزو) فبعث إليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم (أي أن يحرق البيت بمن فيه من المجتمعين) ففعل طلحة، فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت (أي هرب عن طريق السطح) فانكسرت رجله واقتحم أصحابه فأفلتوا. (ابن كثير 4 : ص 5)

ـ أرسل محمد عمير بن عدي (وكان أعمى) وأمره بقتل عصماء بنت مراون لأنها ذمَّت محمداً، فدخل بيتها ووضع سيفه على ثديها ثم أنفذه من ظهرها. ثم رجع وأتى المسجد وصلى الصبح مع محمد وأخبره بما حصل، فقال محمد: "لا ينتطح فيها عنزان" (أي أنه لن يطالب أحد بدم عصماء، ولن ينشب حول موتها أي خلاف). وأثنى محمد على عمير وقال: "من أحب أن ينظر إلى رجلٍ كان في نصرة الله ورسوله، فلينظر إلى عمير بن عدي.

أرسل محمدٌ سالمَ بن عمير إلى أبي عفك اليهودي ليغتاله. وكان أبو عفك ابن مائة وعشرين سنة، وكان يقول الشعر في هجاء محمد. أقبل سالم عليه ووضع سيفه على كبد أبي عفك فقتله.

وأرسل محمدٌ خمسة رجال لقتل كعب بن الأشرف الذي كان يهجو محمداً ويحرض قريشاً عليه. وكان أبو نائلة أحد الرجال الخمسة، وأخا كعب بالرضاعة. ومشى محمدٌ معهم إلى بقيع الفرقد ثم وجّههم وقال: "انطلقوا على اسم الله. اللهمّ أعِنهم". ورجع محمد إلى بيته. ووصل الرجال الخمسة إلى حصن كعب، فنادى أبو نائلة كعباً، فوثب كعب في ملحفته خارجاً آمناً إذ عرف صوت أخيه بالرضاعة، فغدر به الرجال وقتلوه وأخذوا رأسه. ثم رجعوا حتى بلغوا بقيع الفرقد فكبّروا. وسمع محمد تكبيرهم فكبر، وعرف أنهم قتلوا كعباً. وعندما انتهوا إلى محمد وهو قائم يصلي قال لهم: "أفلحت الوجوه" أي "لقد توفقتم وكرمت وجوهكم". قالوا: "وجهك يا رسول الله". ورموا برأس كعب بين يدي محمد.

ـ ولما قُـتـل حمزة، عم محمد، في غزوة أُحد، غضب محمد وحلف أن يقتل من قريش سبعين نفراً عوضاً عن عمه وعندما غزا محمد بني قريظة وحاصرهم قبلوا بالتسليم شرط أن يستحييهم بشفاعة قبيلة أوس. وفوّض محمد الحكم إلى سعد بن معاذ، وقرر سعد قتل الرجال وتقسيم الأموال وسبي الذراري والنساء. استحسن محمد ذلك الحكم وأمر ببني قريظة فأدخلهم المسـلمون المدينة وحُفر لهم أخدود في السوق، وجلس محمد وأصحابه، وخرج بنو قريظة فضُربت أعناقهم وكانوا بين 600 إلى 700 نفر.

ـ وأرسل محمدٌ عبدَ الله بن عتيك ومعه أربعة رجال لقتل أبي رافع لمناصبته محمداً العداء. أتوا بيته وفي مقدمتهم عبد الله بن عتيك الذي قال: "جئتُ أبا رافع بهدية". ففتحت له امرأة أبي رافع. ولما رأت السلاح أرادت أن تصيح فأشار إليها بالسيف فسكتت، ودخلوا عليه وقتلوه بأسيافهم.

*********

القرآن بالنسبة للمسلمين كتاب منزّل من الله بالعربية كلمة كلمة وحرفاً حرفاً. وكتاب الحديث يأتي بالمرتبة الثانية بعد القرآن، ورغم أنهم لا يعتبرونه كتاباً منزلاً فإنهم يرون فيه كتاباً مقدساً يساعدهم على فهم القرآن كما يستمدون منه من التعاليم ما لم يأت القرآن على الإشارة إليها.

وبين الكتابين يجد المسلمون جواباً لكل سؤال مهما كان نوعه، ولذلك يعرّفون دينهم على أنه ليس ديناً فقط بل هوية وطريقة حياة ودولة. لذلك أيضاً نرى المسلمين أينما رحلوا وحلّوا، يحملون معهم، ليس دينهم فقط، بل دولتهم وهويتهم وطريقة حياتهم.

وهكذا، فالمسلم الأميركي هو مسلم قبل أن يكون أميركياً وولاؤه للإسلام هو قبل ولائه لأميركا (هذا إذا كان لديه أي ولاء لها) على عكس المسيحي الذي لا يرى في دينه إلا معتقداً لا يجوز له أن يكون دولة ولا علاقة بدولة.

 

بناء على ما تقدم، هل يجوز القول بأن كل مسلم هو إرهابي ينفذ تعاليم القرآن الإرهابية؟..

بالطبع لا‍‍‍ . إننا لو قلنا بذلك فكأننا نقول بأن كل المسلمين لا يشربون الخمر لأنه محرم عليهم، (والواقع يثبت إلى عكس ذلك)؛ لكن، إنّ صوتاً يدعوهم للجهاد من أجل الله ضد الغرب المسيحي الكافر ليجد صدىً لدى غالبيتهم أكثر من أي صوت يدعوهم إلى العمل بأوامر الله والتوقف عن شرب الخمر..! لذلك، لم يكن بالأمر المستغرب أن نسمع أنّ بعض الإرهابيين الذين نفذوا الجريمة البشعة كانوا يسهرون في البارات ويتعاطون المشروبات الكحولية في الوقت الذي كانوا يخططون فيه للجهاد بأنفسهم وقتل آلاف الأبرياء في سبيل الإسلام.

 

ليس كل مسلمٍ إرهابياً.. هذا كلام حق. لكنّ كلّ مسلمٍ مؤهّل لأن يكون إرهابياً.

 

*************

قبل نشوب حرب الخليج كان لي، حيث كنت أسكن، من الأصدقاء المسلمين عشرات، غالبيتهم من أصحاب الثقافات العالية. أطباء وتجار ومهندسون وتقنيون وغير ذلك. كانت حفلاتهم صاخبة وكانت المشروبات الكحولية من مستلزمات كل سهرة من سهراتهم. لا أتذكر أن أحداً منهم كان يترك السهرة للصلاة!.. حتى شجرة عيد الميلاد كانت تزيّن الكثير من بيوتهم خلال حفلات عيد رأس السنة الصاخبة وما كان يرافقها من تعاطٍ للمشروبات الكحولية لا بل أيضاً لحم الخنزير ولعب القمار.

نشبت حرب الخليج. ورغم أنها كانت حرباً لتحرير دولة عربية مسلمة من قوات دولة عربية مسلمة أخرى، فقد تبدّلت خلالها وبعدها الوجوه واختفت المشروبات من الحفلات ولجأت بعض النساء إلى ارتداء غطاء الرأس وتحولت النكات والدعابات التي كانت مظهراً من مظاهر السهرات السابقة إلى نقاشات سياسية يغلب عليها طابع التعصب الديني. لقد رأى الجميع في وجود القوات الأميركية على أرض الحجاز انتهاكاً لمقدسات الإسلام. ظهر التعصب الديني الذي كان يختبئ داخل الصدور. ذاك الذي كان يأمنني كمسيحي على دخول بيته ومساعدة عائلته خلال غيبته، أصبح لا يرتاح لوجودي. إذ "لا يختلي رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما!". وذاك المهندس الذي كان يحدثني دائماً عن هذا البلد العظيم وعما يقدمه من فرصة لجميع الناس (كان هو يعمل لدى مؤسسة حكومية) أصبح يطالب بتصفية أو طرد كل الأقليات غير الإسلامية من بلاد المسلمين. وذاك الطبيب الذي غالباً ما كان يلمح لي عن أفكاره الليبرالية فيما يتعلق بأمور الدين، أصبح يجادلني في صحة دينه وخطأ ديني!.. وعلى هذا المقياس قس.

هؤلاء كلهم وغيرهم من أمثالهم، الذين ينعمون بحياة وفرص لم تتوفر لهم حيث كانوا، ولن تتوفر. كلهم انقلبوا فجأة إلى مؤمنين محافظين على مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي! ولكن هل كان تبدّلهم المفاجئ استجابة لتعاليم الدين الإسلامي حقاً أم أنه كان ردة فعل على ما رأوا فيه حرباً ضد الإسلام والمسلمين؟.. لم يكن واحد منهم قبل الحرب مسلماً حقيقياً إذ لم يكن أحد منهم يهتم بتعاليم الإسلام التي تأمر بالصلاة وتنهي عن شرب الخمر وحتى عن أكل لحم الخنزير أو لعب القمار أو التعامل بالفائدة. لم تكن واحدة من نسائهم تلبس الغطاء على رأسها. اختفى الخمر وظهر الغطاء وبدأت حلقات الصلاة الجماعية، وخُصصت الساعات لتعليم الأبناء مبادئ الديانة الإسلامية، ورُميت أشجار عيد الميلاد الاصطناعية في براميل القمامة.

ما جمع هؤلاء لم يكن شعورٌ مفاجئ بالإيمان بالإسلام كدين، بل شعور بضرورة التضامن ضد الغرب المسيحي الذي رأوا فيه تهديداً لكيانهم كأتباع لدولة الإسلامالتي يحملونها معهم ويحملون الولاء لها أينما حلوا ورحلوا.

***********

 

إن الحملات الإسلامية التي يقوم بها المسلمون الآن وتلك التي يقومون بها بعد كل عمل إرهابي يقوم به مسلمون، قد تخدم الغرض في تهدئة بعض مشاعر البغض التي أصبح يكنها لهم الأميركيون، خصوصاً بعد العمل البربري البشع الأخير، لكنها بالتأكيد لن تزرع الاطمئنان، لا في قلوب الأميركيين الذين لوّعتهم الكارثة فأخذوا ينظرون بعدها إلى كل مسلم كإرهابي مجرم، ولا في قلوب المسلمين الذي أصبحوا يخشون على أنفسهم في بيوتهم وأماكن أعمالهم أو أي مكان يتواجدون فيه. الكذب لا يولد الاطمئنان. الكذب يضاعف الشعور بالخوف والقلق.

بعد العمل البشع الأخير، تعرض عرب لاعتداءاتٍ من قبل أميركيين غاضبين. وعلى الفور، تحركت السلطات لحمايتهم ولتحذير المعتدين والقبض عليهم. هرع زعماء الجالية ورجال الدين المسلمون للاتصال بالإذاعات ومحطات التلفزيون يشكون أمرهم، ولكنهم تجاهلوا كون غالبية الأميركيين، رغم غضبهم العارم وحزنهم الشديد، قد أظهروا من التسامح والطيبة ما لا يمكن أن يتّسم به أي مجتمع إسلامي أو عربي لو قُدّر له أن يعاني ما عانى منه الأميركيون. رجال دين مسيحيون دعوا المسلمين إلى كنائسهم للمشاركة بالصلاة. كنائس مسيحية أرسلت باقات زهور إلى مساجد إسلامية لمساعدتهم على الشعور بالاطمئنان. كهنة وقسس دعوا المصلين في الكنائس وعلى الإنترنيت وحتى لمسامحة الإرهابيين أنفسهم. دعوهم لأن يظهروا محبتهم لجيرانهم المسلمين. لأن يقدموا لهم الملجأ والعون وغير ذلك. هذه الأمور لم يأت على ذكرها مسلم أو عربي وهو يشكو ويتذمر على شاشات التلفزيون. الاعتداءات على المسلمين عمل لا أخلاقي. هذا أمر لا شك فيه، ولكنه أمر لا يقارن أبداً مع حياة المسيحيين الذين يعيشون عذاباً دائما على مدار الساعة وبلا أي مبرر في كثير من البلاد الإسلامية.

حملات المسلمين الإعلامية التي يقومون بها في محاولة لتبرئة الإسلام من الإرهاب، قد تلقى تعاطفا مؤقتاً ولكنها في الحقيقة أشبه بالبذور التي تُلقى على أرضٍ صخرية لن تجدَ مكاناً تنبت فيه.

حملاتٌ مختلفة يجب أن يقوم بها المسلمون. حملاتٌ صادقة لا زيفَ ولا تلاعبَ في بياناتها. حملاتٌ صادرة عن عقول وضمائر آن لها أن تنظر إلى شعوب العالم نظرةَ ثقةٍ مدعومة بنيّة صادقة تدعو للتعايش مع كل الناس بكل أديانهم وأجناسهم، سواء كانوا في الدول الإسلامية أو خارجها. هذه هي الحملات التي على المسلمين أن يشنوها. حملات لن تؤدي بهم إلى مكان إلا إذا استطاعوا أن يزرعوا الطمأنينة في قلوب الأميركيين، والغربيين عامة، بإقناعهم بأنهم لا يشكلون خطراً عليهم.

كيف يتم هذا الأمر؟.. وما هي الخطوات التي يتوجب على المسلمين أن يخطوها للوصول إلى هذه الغاية؟.. هل يكفي أن يكرروا أغنية إدانة الإرهاب والإرهابيين؟.. هل يكفي تكرار أغنية الشعور بالأسى لأهل الضحايا والتعاطف معهم في نكبتهم؟.. هل يكفي أن يشاركوا الأميركيين بحملات التبرع بالدم؟.. كل ذلك لا بأس به، ولكنه لن يُرى من قبل الأميركيين إلا ذراً للرماد في العيون. فالكارثة أعظم من أن تمحو صورتَها عبوة دم أو إعلان تعاطف.

المسلمون سينجحون في إدخال الطمأنينة إلى قلوب الأميركيين حين يتوصلون بقناعة تامة إلى ضرورة الفصل بين إيمانهم بإسلامهم كدين وولائهم له كأمة وكدولة.

ينجح المسلمون بكسب ثقة الأميركيين حين يأخذون بتعليم أبنائهم في مدارسهم وصحفهم ومساجدهم وبيوتهم أن لا يخلطوا بين الدين والدولة وبذلك يزرعون في قلوبهم بذور الولاء السياسي والوطني للبلد الذي فتح لهم صدره فآواهم وأعالهم وأعطاهم حقوقاً لم يحصلوا عليها حتى في مواطنهم الأصلية.

ينجح المسلمون هنا وفي العالم كله حين يعيدون النظر في طريقة مفاهيمهم وتفاسيرهم لنصوص كتبهم التي تأمر بمحاربة العالم وعدم الثقة به، وبالتالي تثقيف أجيالهم بأن تلك التعاليم لم تكن إلا انعكاساً لأحداث معينة رافقت نشوء الإسلام وأنها بانتهاء تلك المرحلة قد انتهت هي معه.

ينجح المسلمون الأميركيون حين يعلنون على الملأ أن لا ولاء لهم إلا لهذا البلد وأن ولاءهم هو فوق كل ولاء وذلك بأن يكونوا السباقين إلى الكشف عن هوية كل من تسول له نفسه إلحاق الأذى بهذا الشعب وهذا البلد.

ينجح المسلمون الأميركيون بكسب محبة الشعب الأميركي والعالم كله حين يبعثون بممثلين عنهم إلى الدول العربية والإسلامية يطالبون قادتها السياسيين والدينيين بتغيير مناهجهم ومحتويات عظاتهم وخطبهم وبياناتهم التي تؤججُ قلوب شعوبهم بنار الكراهية تجاه الغرب والمسيحيين.

ينجح المسلمون الأميركيون في حملاتهم حين يساهمون بنية صادقة في القبض على كل إرهابي يرتكب جرائمه باسم دينهم وبتسليمه إلى العدالة قبل ارتكاب جريمته.

وينجح المسلمون والعرب في كل مكان ومن ضمنهم الفلسطينيون، بكسب عطف العالم ومحبته، حين يقلعون عن خلط الشعارات الدينية بشعاراتهم السياسية والوطنية الداعية إلى التحرير أو الاستقلال. إذ لا يعقل أن يأمن يهودي للمسلمين وهو يرى على صفحات مجلاتهم وصحفهم المطبوعة والإلكترونية الأقوال المقتبسة من كتبهم الدينية التي تدعو إلى إبادتهم من على وجه الأرض!.. ولا يعقل أن يأمن مسيحي لهم وهو يسمع الشعارات الداعية إلى محاربة الكفار وقتلهم أين كانوا.

ينجح المسلمون بكسب احترام العالم والمسيحيين حين يدعمون منظمات حقوق الإنسان التي تعمل من أجل حقوق الأقليات الدينية في كل البلاد الإسلامية. ويثبت المسلمون صدق نواياهم حين ينظمون المظاهرات يخرجون بها للمطالبة بالإفراج عن المساجين المسيحيين الذين يواجهون أحكام الموت في البلاد الإسلامية لا لشيء إلا لأنهم حدثوا مسلمين عن دينهم.

ينجح المسلمون في كسب احترام العالم وثقته حين يضغطون على الحكومات الإسلامية في العالم كي تعامل الأقليات الدينية المختلفة كما يُعامَلون هم في هذا المجتمع وغيره من المجتمعات المتحضرة.

آنذاك تحل الثقة محل الخوف. وآنذاك ربما نجد الشعب الإسرائيلي يقف صفاً واحداً مع الفلسطينيين يرمي وإياهم جنود جيشه بالحجارة. لا بل آنذاك لا بد وأن تختفي الحجارة من بين أيدي الفلسطينيين لأنها ستتحول إلى جدران مستشفياتٍ ومدارس وملاعب للرياضة وإلى منتزهات.

إلى أن يأتي ذلك اليوم، سيبقى العالم ينظر بعين الريبة إلى كل إنسان يؤمن بأنه سيف الله على الأرض.

**************

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط