بسام درويش / Apr 13, 2002

بعث إليّ قارئ بصفحة من جريدة عربية تصدر في كاليفورنيا يطلب مني التعليق على عبارات لشيخ مسلم يفتري فيها على المسيحية، ولكنَّ مقالاً إلى جانب زاوية الشيخ بعنوان، "إذا ضُرب العراق.. ماذا نحن فاعلون؟؟" أثار اهتمامي أكثر من الحديث الفارغ لذلك الشيخ.

قرأت المقال أكثر من مرة واحدة ولم أصدق ما قرأت بين السطور والكلمات!

هذا المقال يظهر بوضوح أنه إضافة إلى خلايا العملاء النائمين الذين أصبح وجودهم أمراً يقيناً، فإن هناك أيضاً عملاء نشيطين لا يخشون حتى من الوقوف علناً والدعوة على إرهاب هذه الأمة.   

 

يقول كاتب المقال: "ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تحاول إقناع العالم أن حكومة الرئيس العراقي صدام حسين هي راعية للإرهاب وأنه آن الأوان لضرب هذا القطر العربي وتغيير النظام السياسي فيه، ونرى نائب الرئيس الأمريكي يذهب إلى المنطقة العربية ليبلغ الزعماء العرب بهذه النيّة المبيتة، ونرى المسؤولين العرب ينصحون الولايات المتحدة بألاّ تضرب  العراق ولكن لم نرَ أي تهديد عربي للمصالح الأمريكية في المنطقة أو أي نوع من الترهيب والوعيد."

 

يتابع الكاتب قائلاً: "يجب أن يكون هناك خطاب سياسي عربي واحد رسمي وشعبي هو أن من يعتدي على أية دولة عربية أو شعب عربي فهو ضد المصالح العربية العليا وبالتالي يجب أن يحارَب بجميع الوسائل الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والعسكرية إن لزم الأمر. نعم نحن العرب لا نملك قدرة عسكرية تحارب قوة عظمى كالولايات المتحدة، ولكن تستطيع الدول العربية بأن تسمح لجماهيرها بالرد من خلال وسائل أخرى كثيرة، وأمامنا المثال الفلسطيني. والسلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تدخل في حرب مباشرة ضد إسرائيل ولكن الانتفاضة الفلسطينية بقيادة الجماهير تستطيع فعل ذلك، فدائماً تستطيع الشعوب من خلال المقاومة والعمليات المنظمة من دحر المحتل وإجبار الظالم على الاستسلام."

وينهي مقاله بقوله: "على الحكومات العربية أن تبدأ فوراً بالتفكير في كيفية مساندة العراق في الأيام أو الأسابيع المقبلة، وأنا متأكد هذه المرة ستكون مختلفة عن عام 1991 وستقف الجماهير العربية يداً واحدة سواء في العالم العربي أو الجاليات العربية التي تعيش في الخارج وسيكون الضغط على المؤسسات الرسمية العربية بطريقة أفضل من السابق، فدعونا نبدأ لننطلق جميعاً يداً واحدة أمام هذا العدو الشرس ونمنع تدمير قلب العرب النابض، العراق الشقيق، والبوابة الشرقية للأمة العربية."

اسم الكاتب معتز حرز الله، يعمل بائعاً للسيارات، وهو أيضاً مدير لما يسمى بالصندوق الفلسطيني، كما يكتب في صحيفة عربية تصدر في كاليفورنيا (العالم العربي) يملكها أحدهم اسمه أحمد علم. كلا الرجلين يحملان في صدريهما شعوراً كبيراً بالكراهية لأميركا؛ ولكن هذا المقال يظهر بشكل واضح أن هذه الكراهية لا تتوقف عند حد الشعور فقط. الرجل يتمنى أن يرى الأمريكيين وهم يسقطون قتلى في المحال التجارية والمدارس والباصات والمقاهي والمطاعم.. تماماً كما يحدث لليهود في إسرائيل.

 

أولاً، يقف الرجل مع نظام حكم لا زال في حالة عداء مع أميركا. نظام حكم سبق له وأن احتجز أميركيين رهائن. ونظام حكم يدعم الإرهاب ويموّله.

ثانياً يستغرب عدم قيام الحكومات العربية بأي أعمال ترهيب أو وعيد ضد المصالح الأميركية وقوله هذا يتضمّن تشجيع هذه الحكومات على القيام بتهديد وترهيب أميركا.

ثالثاً، يقترح الرد على أميركا إذا قامت بالهجوم على العراق بشتى الوسائل الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والعسكرية. لكن، ولأنه يعتقد بأن الدول العربية غير قادرة على مواجهة أميركا عسكرياً فإنه يطالب الحكومات العربية بأن تفكّر جدياً وفوراً بالسماح لشعوبها بأن تستلم زمام المقاومة وكذلك أن تسمح لها بالقيام بعمليات منظمة لإجبار الظالم (أميركا) على الاستسلام. هذه العمليات المنظمة يجب أن تكون حسب اقتراح هذا الكاتب شبيهة بالعمليات التي يقوم بها الفلسطينيون ضد إسرائيل، والتي يسميها "المثال الفلسطيني". إنه أيضاً يدعو العرب المقيمين في الولايات المتحدة ليشاركوا الجماهير العربية في الضغط على حكوماتهم لغاية الوصول إلى هذا الهدف. 

عندما نعرف أن "المثال الفلسطيني" في القتال ضد الإسرائيليين يتمثل بشكلين رئيسين، "رمي الحجارة، والعمليات الانتحارية"، فلا بدّ لنا آنذاك أن نفهم بأن الكاتب ليس في صدد دعوة الجماهير العربية للمجيء إلى الولايات المتحدة ومحاربتها بالحجارة. إنه سيكون على مقدار عظيم من البلادة لو كان هذا حقاً هو ما يناشد العرب أن يفعلوه، إضافة إلى أن هذا الأمر هو من المستحيلات سواء كان ذلك من الناحية العملية أو من الناحية الجغرافية. الرجل في الواقع يطالب العرب أن يستخدموا الشق الآخر من المثال الفلسطيني، وليس منا الآن من لا يعرف ما يعنيه هذا "المثال"!

دعوة هذا الرجل لا يجب أن تمرّ دون ملاحظة. الحرب ضد الإرهاب يجب أن تبدأ هنا وتنتهي في مكان آخر، وليس العكس!

*****************

مثال آخر لهذه الخلايا النائمة إرهابي آخر يقيم في كاليفورنيا اسمه محمد أمين سلامة بعث بالرسالة التالية إلى جريدة القدس العربي التي تصدر في بريطانيا، عدد 5 يوليو 2002:

««الاستاذ رئيس التحرير
تحية طيبة وبعد،
ان من يعدهم كثير من شعوب العالم مجرمو حرب من الامريكيين وغيرهم، في الولايات المتحدة اخرجت افلام كثيرة لهم، تخليدا وتمجيدا، وصنفت المصنفات وألفت المؤلفات وعقدت الحفلات والندوات وأقيمت النصب التذكارية لهم، واصدرت الطوابع البريدية التي تحمل صورهم واسماءهم، كل ذلك تخليدا وتمجيدا واحياء لذكراهم. مع أنهم قتلوا مباشرة او تسببوا في قتل آلاف الابرياء من الناس، ان لم يكن الملايين منهم. من هؤلاء من ألقي القنبلة الذرية علي هيروشيما وناغازاكي في اليابان، في شهر اب (اغسطس) 1945. من هؤلاء جنرالات وضباط خاضوا الحرب العالمية الثانية وشاركوا في تدمير مدن بأكملها في ألمانيا وفي اليابان. ومنهم من شارك وقاد الحرب القذرة علي فيتنام، فقتلوا وتسببوا في قتل وابادة مئات الالوف من الابرياء، من النساء والاطفال والشيوخ والعزل. من هؤلاء من قتل او تسبب في قتل اخواننا في العراق في حرب الخليج القذرة عام 1991. وبعضهم من اركان الادارة الامريكية الحالية، امثال نائب الرئيس الامريكي (ديك تشيني) الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك.
ومع كل ذلك، يقف العربي والمسلم حائرين، فهما لو اعتبرا احدا ما بطلا من ابطالنا في هذا العصر، لاعترض عليه في ذلك، كون امريكا تعتبره ارهابيا. صحيح ان تاريخنا مليء بالأبطال والرجال العظام، ولكن ماذا عن عصرنا هذا؟ في الحقيقة، ان عصرنا هذا مليء وزاخر بالابطال والقادة العظام، بعضهم مشهور لدي الشعوب العربية والاسلامية وبعضهم اقل شهرة وبعضهم ليس معروفا الا لدي القليل من الناس. ان كل فلسطيني قتل في احدي العمليات الاستشهادية، هو بطل. ان كل فلسطيني قتل اثناء تصديه لقوات العدو الاسرائيلي هو في نظر البعض بطل. ان الذين قاتلوا القوات السوفييتية في افغانستان من الافغان وغيرهم، هم ابطال. وان الذين يجابهون امريكا هذه الايام، في افغانستان وغيرها، هم ابطال في نظر البعض ايضا. وان الذين رفضوا الخنوع والخضوع للاوامر الامريكية وضحوا بحكمهم كالملا محمد عمر و طالبان هم ابطال كذلك في نظر اتباعهم وانصارهم. وان الذين وقفوا في وجه الغطرسة الامريكية وجبروتها وقوتها وجعلوا فرائص الامريكان ترتعد خوفا ورعبا، هم ابطال في نظر البعض ايضا.
وان الشيخ اسامة بن لادن الذي آثر الجهاد وحياة الجبال والكهوف علي متع الدنيا الزائلة، ورغد العيش وحياة الرفاه والترف، وهو الثري ابن الثري ابن الاثرياء، هو من ابطالنا الشرفاء الذين سيعترف لهم التاريخ وستعترف لهم الاجيال القادمة بفضلهم في رد الاعتبار وصون الكرامة لهذه الامة. فلا احد يمكنه احتكار التاريخ او تشويه الحقيقة كل الوقت. من حقي كعربي وكمسلم ان اختار ابطالي، كما اختار الامريكيون ابطالهم. فأنا اقول لهم بأعلي صوتي ان اسامة بن لادن هو بطلي في هذا العصر.
محمد امين سلامة، كاليفورنيا
»»

*************

رجلٌ يعيش على أرض هذا البلد، يكنّ لهذه الأمة، هذا المقدار من الكراهية والعداء، ويرى في ابن لادن بطلاً عظيماً شريفاً سيخلّده التاريخ.. رجلٌ كهذا، لا يُستَبعد أن يقوم بما قام به بن لادن وأتباعه الإرهابيون.

أعدتُ نشر الرسالة حرفياً دون أي تعليق إضافي إذ أنّ فيها ما يكفي للإشارة إلى ما يشكله المسلمون من خطر على أميركا من داخلها أكثر من الخارج.

*************  

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط