بسام درويش / Oct 31, 2020

تداول كثيرون على موقع واتساب خلال اليومين الماضيين تسجيلاً صوتياً ومرئياً يتضمن ما يُفتَرض بأنه ترجمة للخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جامعة السوربون خلال حفل تأبين المعلم الذي هزّت جريمة قتله مؤخراً فرنسا والعالم أجمع.

وصلني هذا التسجيل من مصادر عدة، وحيث أنني لا أتسرّع عادةً بتصديق أيّ خبر من الأخبار التي تصلني، فقد قمت على الفور بالبحث عن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي واستمعت إليه بالفرنسية وكذلك إلى الترجمة الإنجليزية التي كانت ترافق الكلمة في آن واحد، فتبيّن لي أن الترجمة كانت كاذبة بكلّيتها من أولها إلى آخرها.

كثير من التسجيلات التي يتدوالها الناس على هذا الموقع تتضمن تلاعباً في الصوت أو الصورة، ولكن هذا التسجيل الكاذب ومن قام بإنتاجه لا يختلف عن الجريمة البشعة نفسها ولا عن الإرهابي الذي نفذ تلك الجريمة. فهذا التسجيل الكاذب إذا كان يلبي غضب الناس وتعاطفهم مع المعلم ضحية هذه الجريمة البشعة ويدفعهم للمسارعة بنشره، فإنه في الوقت نفسه قد يستثير نزعة المغَفّلين المهووسين بالدين لتنفيذ جرائم شبيهة. 

نحن، في العالم الحر، لا نخشى من انتقاد أحدٍ مهما عظُمَ شأنه، ولا أية أيديولوجية دينية أو سياسية أو فكرية مهما عظُمَ أو قلّ عدد أتباعها؛ فحرية التعبير حرية مقدسة أكثر من أي كتاب مقدس لا يحقُّ لفردٍ أو حكومة المساسَ بها بأي شكل من الأشكال. ولكن علينا أن لا نساهم في تداول أكاذيب كهذه لا علاقة لها بحرية التعبير على الإطلاق كي لا نخدم عن قصدٍ أو دون قصدٍ أناساً مجهولين ربما يكونون هم أنفسهم من الإرهابيين الذين ينشرونها لغاية في نفس يعقوب.

أهيب بكل من يصله تسجيلٌ من هذا النوع أو حتى أية تسجيلات أخرى أن يتحقق من مصداقيتها قبل أن يضغط على زر النشر.

====================  

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط