بسام درويش / Dec 23, 2003

قال الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني السعودي معلقاً على الهجمات الإرهابية الأخيرة التي حصلت في السعودية، "إنّ المملكة وضعت خطة تمتد سنوات طويلة لملاحقة "ذيول الفكر الإرهابي." كما قال بأن "المملكة ملتزمة بما وعدت به بملاحقة كل مفسد وكل من يشوه العقيدة الإسلامية". أما عن الإرهابيين فقد وصفهم بأنهم "جهّال غُرر بهم". وأيضاً بأنهم "الشرذمة الخبيثة" التي لا بدّ "أن تقلع من جذورها". (نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط 20 ديسمبر 2003)

=============

"ذيول الفكر الإرهابي!"

هذا التشبيه هو تشبيه معروف في لغة السياسة العربية، كأن يُقال: ذيول الاستعمار، ذيول الصهيونية، ذيول الكفار، ذيول الأخوان، ذيول الانفصاليين، ذيول الناصريين، ذيول البعثيين، ذيول الرجعية والعمالة، وعلى هذا المقياس قس. وطبعاً، فإن القول بملاحقة هذه الذيول لا يعني الاكتفاء بالإمساك بها إنما السعي للإمساك بالعقل المدبر. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى ما يتضمنه هذا التشبيه من تحقير لأولئك الملاحقين المُطارَدين، حيث يشبههم بالكلاب أو الجرذان أو غيرها.

 

لكن ما هو جدير بالتعليق هنا، هو عبارة "ذيول الفكر الإرهابي!" التي نطق بها الأمير عبد الله. أتُراها هفوةُ لسانٍ من الأمير، أم أنها حقاً بصيص أملٍ للعالم، يمكن أن يترجمها بأنّ الحاكم المقبل للسعودية قد توصّل أخيراً إلى معرفة المصدر الحقيقي للإرهاب؟!

الأمير لم يقل أنّ المملكة ستلاحق "ذيول الإرهابيين" إنما "ذيول الفكر الإرهابي!"

تُرى إلى أين سيصل حكام المملكة في ملاحقتهم لذيول "الفكر الإرهابي؟.." تعالوا نفترض أن الأمير قد توصل غداً إلى الإمساك بابن لادن والظواهيري وكل الإرهابيين الآخرين الذين وصفهم بـ "الشرذمة الخبيثة". وتعالوا نتصوّر أنه قام ببتر رؤوسهم بمجرد إلقاء القبض عليهم. هل يمكن للأمير حقاً أن يقف ويعلن بكل نزاهةٍ بأنه قضى على "الفكر الإرهابي"؟

 

موت بن لادن والظواهري وصدام حسين وكل "الشرذمة الخبيثة" لن يؤدي إلى موت "الفكر الإرهابي"، فقد مات أيضاً محمد ولكنّ أمّته لم تمت! (آية 144 سورة آل عمران)

 

ملاحقة "الفكر الإرهابي" لا بدّ ستقود خطوات الأمير السعودي إلى خزائن مملكته. ستقوده إلى أفرادٍ من عائلته وتجارٍ في مملكته. ربما ستقوده إلى أقرب المقربين إليه، لكنه لن يجد هناك إلا الدعم المادي فقط. إلقاؤه القبض على كل أفراد "الشرذمة الخبيثة" سواء كانوا من الممولين أو من المنفِّذين، لن يعني بأي شكل من الأشكال قضاءً على الفكر "الإرهابي".

 

لا شكّ بأنّ الأمير على مقدار كبير من الذكاء، ويعرف تماماً مصدر هذا الفكر. وإذا كان قوله بأنه سيلاحق "الفكر الإرهابي" حقيقة لا مجازاً، فهل تُرى يشهد العالم باعتلائه العرش، أعظم تغيير من حيث لا يُتَوقَّع التغيير؟؟..

============  

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط