بسام درويش / Jul 06, 2005

في عددها الصادر في السادس من يوليو 2005، نشرت جريدة الشرق الأوسط الخبر التالي:

******

اجتماعات للمعارضة السورية في واشنطن تتمخض عن إنشاء مجلس وطني موحد

«الشرق الاوسط» تكشف ما دار خلف الغرف المغلقة

واشنطن: منير الماوري

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن أقطاب المعارضة السورية في الولايات المتحدة عقدوا اجتماعات مغلقة في 18 و19 من الشهر الماضي أسفرت عن تشكيل مجلس وطني سوري من المقرر الإعلان عنه رسميا هذا الأسبوع في مؤتمر صحافي بنادي الصحافة الوطني.

وأشارت المصادر إلى أن تشكيل المجلس جاء بديلا لفكرة طرحت أثناء المؤتمر تتعلق بتشكيل مجلس حكم انتقالي، وهي الفكرة التي أدت إلى نشوب خلافات بين أقطاب المعارضة فتم التراجع عنها. وأفادت مصادر «الشرق الأوسط» أن ريتشارد بيرل الذي يوصف بأنه منظر حرب اطاحة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، حضر جانبا من اجتماعات المعارضة السورية في فندق «جوريز» بقلب العاصمة الأميركية إلى جانب هارولد رود المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بوزارة الدفاع الأميركية ومسؤولين آخرين.

وخاطب بيرل المجتمعين قائلا لهم إنكم تصنعون التاريخ وسوف تتذكرون يوما ما هذه القاعة في هذا الفندق، وشجعهم على صنع مستقبل بلادهم. ووفقا للمصادر ذاتها فإن عددا من المجتمعين وجهوا إليه أسئلة محرجة عن مدى جدية الولايات المتحدة في تغيير النظام السوري، فكان رد بيرل أن الرئيس بوش مقتنع تمام الاقتناع بعدم التعامل مع النظام الحالي في سورية. وذكر بيرل أنه يجب أن يكون هناك تجمع كبير من قبل السوريين أنفسهم، وهذا سيؤدي إلى تحرك القيادة الأميركية بشكل أكثر فاعلية، وأكد أن التوجه السائد هو إنهاء وجود حزب البعث في سورية، كما انتهى الحزب الشقيق في بغداد. كما جرت لقاءات أخرى في الخارجية الأميركية مع عشرة مسؤولين أميركيين يمثلون الخارجية والبيت الأبيض والدفاع، وأكدت ليز تشيني نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لـ«الشرق الأوسط» عقد الاجتماعات، لكنها قالت إنها لم تكن من ضمن الحضور ولا تتوفر لديها قائمة بأسمائهم.

ووفقا لمصادر «الشرق الأوسط» فإن الاجتماع مع المسؤولين الأميركيين لم يشمل جميع المعارضين السوريين بسبب إصرار البعض منهم على تأجيل الاتصال بالإدارة الأميركية إلى ما بعد الإعلان عن تشكيل مجلس المعارضة (الموحد)، بينما شدد البعض الآخر على أهمية التنسيق التام مع الإدارة الأميركية. وحصلت «الشرق الأوسط» على بيان تأسيس «المجلس الوطني السوري» الذي انتخب لجنة تنفيذية ومجلسا تأسيسيا وناطقا رسميا باسم المجلس هو محمد الجبيلي المستشار في القانون الدولي، في حين أعلن رئيس حزب الإصلاح السوري فريد الغادري انسحابه من المجلس الجديد رغم أنه كان من الداعين الرئيسيين للقاء. كما انسحب من العضوية الكاتب السوري بسام درويش عقب جدل حاد ساد في اليوم الأول من اجتماعات المعارضة بسبب مطالبة عدد من المجتمعين له بالتوقف عن نشر ما وصفوه بالتهجم على الإسلام في موقع «الناقد» الذي يديره. ورفض الناطق باسم المجلس د. محمد الجبيلي في حديث أدلى به لـ«الشرق الأوسط» القول بأن اجتماعات المعارضة انفضت بالفشل، وقال إنها على العكس كانت ناجحة وخطوة مهمة للتفاهم بين رؤوس المعارضة، لكنه أقر بحدوث خلاف جوهري أثناء الاجتماعات، وأشار إلى أن بعض الحضور اشتركوا في الاجتماع بصفة مراقب فقط.

ووفقا للمعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط» فإن وجود بعض الشخصيات المحسوبة على التيار الإسلامي أدى كذلك إلى تململ قيادات بعض الأحزاب من وجودهم، الأمر الذي ساهم في غياب الانسجام الكامل بين قادة المعارضة.

***************

ما دار في ذلك الاجتماع من مهاترات وتصرفات تؤكّد كلها أن أكثر المجتمعين لم يبلغوا بعد سن الرشد، لم يتم الإعلان عنه بعد. (نشرتُ في "الناقد" بعض ما دار في اجتماعات هذه "المعارضة")  

ما يهمني من هذا الخبر الذي نشرته اليوم جريدة الشرق الأوسط، هو عنوانه الذي تضمن عبارة واحدة دفعتني إلى الإسراع في التعليق عليه ولو بشكل موجز. هذه العبارة هي: "الاجتماعات تتمخض عن إنشاء مجلس وطني موحد"!!

"موحّد"؟؟؟!!!

وحدة بين مَن ومن؟؟!!

ليس بين أعضاء هذا المجلس المهزلة شيعي واحد. لا بل إن بينهم من يكره الشيعة وكل ما له علاقة بالشيعة كراهية حتى العظم.

ليس بين الأعضاء مسيحي واحد. لا بل حتى ذلك "المسيحي" الوحيد الذي أتوا به في اليوم الأول من الاجتماع لفترة ثلاث ساعات من الزمن والذي كان إسلامياً أكثر من الإسلاميين أنفسهم، لم يشترك في هذا المجلس!!

ليس بين الأعضاء علوي واحد ولا درزي واحد ولا اسماعيلي واحد ولا كردي واحد.

ليس بين الأعضاء علماني واحد، وإذا كان هناك من يدّعي العلمانية فإني أتحداه أن يعلن على الملأ ويقول إنه على العكس من إخوانه المجتمعين لا يقبل بأي نظام لا يكون فيه الدين مفصولاً فصلاً تاما عن الدولة.

هذا المجلس هو حقا مجلس موحّد. إنه موحّد بين فئة واحدة قوامها جهلة متعصبون!

******

يقول عنوان الخبر أن هذا الاجتماع "تمخض" عن إنشاء "مجلسٍ وطني موحّد"؟؟

نعم!.. لقد تمخّض هذا الاجتماع ليلد ابناً مشوّهاً معاقاً وغير شرعي، تستحيي به الأم ولا يعترف به أبٌ، ويشفق عليه الأقرباء والجيران!

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط