إبراهيم عرفات
/
Jul 10, 2009
عندما اعتنقت الديانة المسيحية، حيث اخترت إيماني ولأول مرة بمحض إرادتي الكاملة، ثارت ثائرة الناس وكثرت تساؤلاتهم وتقريعهم واتهاماتهم بكلام على مثال ما يلي: "لقد بعت دينك يا إبراهيم!"، "كم أعطوك من المال حتى تترك الإسلام؟"، "هل سلبت إحدى صبايا الأقباط قلبك وعقلك؟"، وغيرها من الأسئلة المشابهة والتي تدل على أنها أسئلة يطرحونها انطلاقاً من قاعدة اعتقادهم الإسلامي الذي يبيح للمسلم استخدام المال لاستمالة غير المسلم إلى الإسلام وهو ما يسمى في الإسلام ببند "المؤلفة قلوبهم". وهنا يجب أن نقف قليلاً عند فكرة "المؤلفة قلوبهم" حتى تتضح لنا الصورة ونعرف سبب كل هذه الأسئلة المتعلقة بالإغراء والاستقطاب من دين إلى آخر في ذهن المسلم. كان محمد يستخدم المال لاستمالة قلوب غير المسلمين و"تأليف القلوب" على حب الإسلام إذا كانوا من ذوي الحاجة ويخشون الفقر. وهنا أتساءل: ما الفرق بين المؤلفة قلوبهم والرشوة الدينية؟
جاء في القرآن: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"(التوبة آية 60). وقد كان الرسول يعطي المؤلفة قلوبهم هذا السهم من الزكاة وهم أصناف: فمنهم أشراف من العرب كان محمد يؤالفهم ليسلموا ويرضخوا له، ومنهم قوم أسلموا ونياتهم ضعيفة فيؤلف قلوبهم بإجزال العطاء، كأبي سفيان وابنه معاوية وعيينة بن حصن والأقرع ابن حابس وعباس بن مرداس، ومنهم من يترقب إسلام نظرائهم من رجالات العرب. ولعل الصنف الأول كان محمد يجزل عليهم من سدس الخمس الذي هو خالص ماله، وقد عد منهم من كان يؤلف قلبه بشيء من الزكاة على قتال الكفار. نقرأ في إنجيل لوقا الفصل التاسع، عن رجل يلتقي المسيح ويعرض عليه أن يصبح واحداً من أتباعه بقوله: "أتبعك، يا سيد، أينما تمضي". فأجابه المسيح:"للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكارًا وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه". نلاحظ أنّ المسيح لم يقدم له الوعود الوردية الحالمة والمكافآت ولا سعى لترغيبه بشتى الطرق حتى يكثّر عدد أتباعه. بل العكس هو الصحيح، فكان المسيح يطلب منهم أن يتعقلوا قبل أن يتبعوه ويحدثهم عن أن طريقه هو طريق الصليب وأن عليهم أن يحسبوا التكلفة من البداية. وشتان الفرق بين أسلوب الترغيب والترهيب الإسلامي وبند المؤلفة قلوبهم في الإسلام وبين طريقة المسيح في الدعوة لاتِّباعه. من الإنجيل نفسه نتخذ العبرة ونعتبر بها، ومن فمِ المسيح نسمع الجواب:
* إن أراد أحد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني
- للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكارًا وأما ابن الإنسان ليس له أين يسند رأسه.
- ما أضيق الباب وأكرب الطريق المؤديّ إلى الحياة؛ وقليلون هم يجدونه.
- كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون.
- من أراد ان يتبعني فلينكر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني
- الذي يريد أن يخلص حياته يخسرها، ولكن الذي يخسر حياته في سبيلي يجدها
- ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة؛ هل عنده ما يلزم لكماله، لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به؛ قائلين هذا الانسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل. وأي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب لا يجلس أولاً ويتشاور هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه بعشرين الفا؛ وإلا فما دام ذلك بعيداً يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح. فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً.
ما كان للمسيح أن يستقطب الناس بجمع الصدقات أو الزكاة لتأليف القلوب لاستمالة الناس إلى اتِّباعه إطلاقاً، بل كان مقتنعاً تماماً أن الجماعة التي يدعوها ستنجذب إلى فيض محبته لتكون مجرد "خميرة صغيرة" تعمل على تخمير العجين كله. ومن هذه الجماعة الصغيرة سيؤلف الكنيسة أي جماعة المؤمنين به، جسده الحيّ الذي يشكل أعضاءه وهو رأسه، فيكون لحماً من لحمه وعظماً من عظامه. يستخدم المسلم المال لاستمالة غير المسلم إلى الإسلام تحت بند المؤلفة قلوبهم، وفي الوقت ذاته يخشى مضطرباً كل من هو غير مسلم واهماً أن هناك من يحوك له "المخططات التنصيرية". هي "عقلية المؤامرة" التي تتقاذفه مع أمواج الحياة، فلا هو آمن ولا يريد الأمان للآخرين وإنما هو فريسة وسواس جماعي قهري يقول له إن هناك من يتآمر عليه وينصب له الشباك ويخطط "المخططات التنصيرية" لينال منه. وجواباً على ذلك، آن للمسلم الواهم أن يتخلى عن وساوسه هذه ويطرح عنه فكرة المخططات والمؤامرات ويعلم أن مسيح النصارى لا يحتاج إلى مخططات حتى يقتحم القلوب، بل سيظل يغزوها دوماً بحبه الثمين وشريعته التي فاقت كل تشريع سبقها. أنحتاج حقاً لتشريعات إزاء رسالة قوية تقول: "أحبوا أعداءكم؛ أحسنوا إلى مبغضيكم؛ باركوا لاعنيكم" وإزاء ما تفوّه به المسيح في عظته على الجبل؟ مسيحنا جبار ولا يحتاج لمخططات البشر الواهية لاستمالة قلوب الناس إلى الدين، لأن رسالته تتغلب على القلوب فتأسرها لما فيها من قوة كامنة، ولما في شخص المسيح نفسه من جمال يسبي كل عقل دون كلام. المسيح، كلمة الله، يعمل أعمال الله، وأعمال الله تتم بطريقة الله لا بطرق البشر الملتوية وما فيها من تحايل على الضمائر مثل بند المؤلفة قلوبهم في الإسلام. الله لا يريد استمالة الناس إليه بل الناس هي التي بحاجة إلى الله؛ وإدراكها لحاجتها هذه وللفقر المدقع الذي تقبع فيه من دون الله يجب أن يحرّكها ويدفعها إلى طلب الله تعالى حباً بالله لا طمعاً لما نغريهم به من مال أو "نؤلف قلوبهم" حتى يتبعوه. فإذا اتبعوا الله فهم الكاسبون وحدهم، حيث سيغتنون بحضور الله في حياتهم، وهو يفيض فيهم فيض الحياة بوفرة فتنبض أجسادهم الهالكة بالحياة من خلال اتحادهم به.
نحن عربٌ بلا شك ولذلك فإننا كأبناء الشرق الأدنى ننطلق من عقلية عشائرية فيها للعشيرة شيخ واحد ودين واحد وفكر واحد. كل شيء أحادي والتعددية تثير اضطراباً وقد تعني الثورة على الانتماء للقبيلة. إنها هـُـويّة عشائرية قبلية في صورة دين، والإسلام هو الدين في حالتنا هذه. قديماً كان خروج شخص من القبيلة يعني أنه يضمر نوايا سيئة قد تسيء لوحدة القبيلة وتؤدي إلى تفككها وضعف نسيجها. بما أن الإسلام هو خلاصة هذه الهوية القبليّة في قالب ديني فليس من الغريب أن يثور أبناء العشيرة الإسلامية على قرار شخص أن يختار إيمانه خاصّة إذا خالف ذلك دين الإسلام. حينما نقبل بـ غيرية إنسان آخر في هـُويّته المختلفة عنا، وحقه في أن يكون مختلف عنا، وقبول هذا الاختلاف بتقدير واحترام شديدين، عندئذ نحصل على مجتمعات سليمة في كيانها. لا يجب أن يخنق الواحد الآخر، ويغتاله إما وجدانياً أو كيانياً لأنه لا يطيق الاختلاف عنه. قتل قايين أخاه هابيل لأنه أراد أن يكون "مثل" أخيه في تقديم قرابينه لله، فكرّر بالتالي مأساة آدم وحواء اللذين أرادا أن يكونا "مثل" الله. إن رغبة الإنسان في أن يكون "مثل" أخيه غير مختلف عنه، كثيراً ما تؤدي به إلى ارتكاب أفعال عنف ليكون أعظم منه. لكنّ الاختلاف شرطٌ أساسي لقيام مجتمعات سليمة في كيانها وإلا فإننا نخاطر أن نكون شعوباً نرجسية تعشق صورتها في المرآة وفي عيون الآخرين ولا نريد أن نرى سوى أنفسنا. تطالعنا أخبار الصحف بين الحين والآخر عن أنباء تفيد بهجوم بعض المسلمين على بيت قسيس قبطي أو بشن غارة من غاراتهم البربرية على الكنائس القبطية. الخوف هو ما يحرك هذه الفئات هنا لأن الإله الإسلامي لم يغرس في داخل المسلم الأمان. يخشى المسلم من السماح ببناء كنيسة قبطية لأن هذا قد يهدد هـُـويته الإسلامية، إذ يزعزع ثوابتها المزيَّفة وانغلاقها المُتعنت ونرجسيتها الواضحة حيث يظنون أنه ليس في الدنيا سواهم إذ هو لم يألف الاختلاف ولا اعتاد عليه! الهوية الراسخة لا تخشى الغيرية؛ والهوية الضعيفة وحدها تخشى أن تزعزعها الغيرية.
أذكر لما سألت أحد أساتذتي من الإخوان المسلمين في "ذلك الزمن الذي مضى" عن سبب وجود حد الردة أنه أجاب "خشية الفتنة". اختيار شخص لنهج يخالف النهج العشائري الذي تتبعه الجماعة المسلمة قد يؤدي إلى افتتان البعض بهذا الدين "الآخر" فلا يعودون خاضعين لقبضة الإسلام الذي يهيمن عليهم بسياسة "الدم والحديد" و"العصا والجزرة" و"الترغيب والترهيب". وهنا نتساءل: ما هي الفتنة التي قد توجد في دين آخر غير الإسلام والتي قد تؤدي بشخص ما إلى ترك الإسلام وافتتانه بما هو غير موجود في الإسلام؟ إنها فتنة المسيح الذي يفتن القلوب بحبه الباذل المضحي والذي تجلى لنا خير جلاء في الموعظة على الجبل والتي نقرأها في إنجيل متى في الفصل الخامس والسادس والسابع. من الطبيعي أن يُفتتن المسلم بما ورد في الموعظة على الجبل للمسيح والتي لا يوجد لها مثيل في أي دين من الأديان. تلك الفتنة يتحدث عنها ناسك هندي من أبناء ديانة السيخ وهو صادو صوندر سينج. حيث سأله بروفسور هندي عن سبب افتتانه بالمسيحية وما وجده فيها مما لم يجده في غيرها. أجاب صادو:"إنه المسيح". نفد صبر الأستاذ الجامعي الهندي وقال له: "أعلم هذا ولكن هل عندهم عقيدة معينة أو مبدأ معين لم تجده فيما كنت عليه من قبل؟" أجاب صادو: "إن الشيء الوحيد الذي وجدته هو المسيح". بوسع واحد مثلي كان مولوداً في الإسلام أن يقول الكلام ذاته الذي قاله صادو عما وجده في المسيحية ولم يجده في الإسلام. وجدت المسيح. وجدت مسيح الناصرة في تواضعه وبساطته والذي كان في رقة الحمامة ووداعتها و"قصبة مرضوضة لم يقصف وفتيلة مدخنة لم يطفيء". مسيح الإنجيل لا وجود له في قرآن المسلمين ولا يسعنا سوى أن نقبل إليه ونشاركه حياته على الجبل حيث يلقي أسمى التعاليم التي عرفها الجنس البشري على مدى ألفي عام. من يقدر أن يقول لنا ما هو مستطاع لدى الله ومن يسكنهم روح الله:"أحبوا أعداءكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، باركوا لاعنيكم". هذا قياس إلهي يدفعنا للقول إن كل ما في المسيح أقرب لما هو إلهي منه إلى البشرية العادية التي نعرفها بأرضيتها وانسياقها وراء غرائز الفطرة. المسيح يأتي ليسمو بنا على ما عرفناه من الفطرة والسليقة العادية والإسلام هو "دين الفطرة" ويخاطب ما هو فطري في الإنسان دون أن يرتفع به فوق هذه الفطرة أو يتسامى بها.
عندما يثور المسلم على هجري للإسلام واتباعي للمسيح وسيري وراءه على الجبل حيث يلقي تعاليمه، إنما ثورته هنا نابعة من خوف واضطراب نفس واهتزاز في السيكولوجية. عدم الشعور بالأمان يدفع الناس للخوف. إله الإسلام ما أعطى تابعيه شيئاً من الأمان بل كل ما في القرآن مفعم بالخوف والرعدة. المسلم الورع، مثلا، هو من "يخشى" الله الذي يزلزل الجبال وله تتفطر الأرض. إنها انتكاسة للعقل الأول في بدائياته والتي قرنت الألوهة بالخوف والسعي بشتى الطرق لإرضائها بالذبائح والقرابين. الإله الحقيقي الذي نلتقيه في المسيح هو إله الأمان وكل ما فيه أمان والخوف يسيء إليه ولا يرضى به أبداً. يقترب المؤمن المسيحي الحقيقي من ربه بثقة ويتقدم "بجرأة" من عرش النعمة حيث يقول الوحي "لنتقدم بثقة إلى عرش النعمة". إنْ كان الله أبانا، وهو حقاً كذلك، فما الخوف إلا إساءة بحق هذا الآب وكأننا نتهمه بأنه كائنٌ مريع ووحشٌ مفترس.
سألني أهلي عندما سرت وراء المسيح: "هل تتركنا وتذهب إليهم؟" ويقصدون بذلك الأقباط في مصر. ينطلق التفكير في هذا المقام من الذهنية العربية العشائرية وحرصها على عدم تفكك وحدة القبيلة. والسؤال هنا لا يجب أن يكون عما حدث في داخلك بسبب المسيح هذا وأثاره ذلك في حياتك الحاضرة وإنما السؤال لدى المسلمين مرتبط دوماً وأبداً بما هو متعلق بوحدة العشيرة وهيكلتها القبليّة وكأنهم يريدون أن يسألوك سؤالهم الصميمي:"في أي فسطاط أنت؟" وهو سؤال مشروع ويحق للجميع أن يسألوه. ونحن نحمل السؤال إلى المسيح نفسه على الجبل وهو يلقي عظته ونسأله: "يا سيدنا المسيح، في أي فسطاط أنت؟ وأبوك الذي تناجيه آناء الليل وأطراف النهار في الصلاة في أي فسطاط هو؟" قال ميخائيل نعيمة: "الدين لله والله للجميع". الله للجميع والجميع يعرفونه بدرجات متفاوتة وإن كانت هذه المعرفة فيها من الطلسمية والتشويه القليل أو الكثير كما هو الحال في الإسلام. ولكن الله هو للجميع بما فيهم المسلمين، ولا يحتكره أحد دون سواه. ولكن هل الله يمتلكه أحد؟ إننا نأتي إليه لكي يمتلكنا هو ويفيض علينا بروحه فنمتلئ من هذا الروح القدوس. نذهب إلى الله لأننا نحتاج إليه في هذه اللحظة الحاضرة لا لكي نغنم بالفردوس أو بالجنة. هو فردوسنا وهو خمرنا وهو ساقينا كما قال ابن الفارض ورابعة العدوية وآباء النسك المسيحي بدون شك. إنه فردوسٌ فيه المسيح يعطينا الأرض وكل شيء يوهب لنا حيث قال"طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض" (متى 5: 5). لم تعد الأرض ملكاً للقوي الجبار، ولا للمحارب المنتصر بل للوديع. هنا المؤمن الحق يملك كل شيء ولا يملكه شيء.
أريد أن أقول لهؤلاء جميعاً إني في فسطاط الله وله أتشيع وبه ألتصق بالحب. سألوا المسيح الصبي وقتئذ أين كان حين بحثوا عنه بحثاً مضنياً في قلق شديد، فأجاب:"إني ينبغي أن أكون فيما لأبي". وأنا أيضا ينبغي أن أكون فيما لله أبي وليس لهذا الفريق أو ذاك. والله أبي هو في صف الكل باعتباره متضامناً مع الإنسان وهو للجميع. التشيع من شأنه أن يؤدي للتمزق حيث يرى كل فريق أنه أولى من الآخر بالحق أو يتبجح بأنه قد قبض على الحقيقة برمتها وعنده جواب لكل سؤال وما يتبع ذلك من كبرياء وغطرسة. والبشر بطبيعتهم الآدمية يأتي المسيح لهم كـ "آدم جديد" يشاركهم آدميتهم هو المعصوم عن كل خطيئة ليرفعهم من آدميتهم الأرضية إلى المستوى الإلهي فيلبسهم حياة جديدة يتسلمونها منه مباشرة لا من أفكار براقة تسطرها الكتب أو الشرائع. والله هنا يُبدئ الخلق ثم يعيده كما يقول القديس أوريجانوس: "إن عمل الخلق هو حاضر متواصل، لا عمل في الماضي فقط: "طوبى لمن يُولد دائماً لله. فإنه لا ينقطع عن الولادة". هذا الله الذي نعرفه هو للجميع ويتوق للجميع أن يكونوا هم كذلك له فيمد يده إليهم في حنو وترفق لينتشلهم من وهدة الخطايا حتى يقيموا فيه فينعمون بحياته الإلهية. التشيع لفريق ضد فريق آخر يبعدنا كثيراً عن الهدف فنقاتل بعضنا بعضاً ونذبح بعضنا بعضاً على مذبح الإله واهمين أن في هذا انتصار للحقيقة ضد من ظلمناهم في إسرافنا على نفوسنا وقلنا إنهم "أعداء الله". نحن نقبل الحياة الإلهية من لدن الله ولا نجادل بحقها وإنما يكفينا الجلوس في حضوره البهيّ والتنعم بقربه هو وبهذا نكون في فسطاط الله لا في فسطاط المسلمين أو النصارى.
هذا كله يتخطى مجرد تغيير الديانة والسؤال في أي فسطاط من الفريقين نقيم. دعا الله لنفسه شعباً بائساً فقيراً مغلوباً على أمره فاصطفاه لنفسه كيما يبلِّغوا رسالته فكان الشعب العبراني. هو لم يكن يدعوهم إلى "دين جديد" ولكن كان يدعوهم إليه هو ومن ثم فهو يقطع معهم "العهد" ويحتفظ بنصوص هذا الميثاق في يده، فيجازيهم لا على حسب سيئاتهم ولكن على حسب بره هو وصلاحه هو تعالى. في هذا العهد يأتي الله لينتزع منهم لا عقيدتهم السابقة ولكن لينتزع منهم القلب الحجري ويستبدله بقلب جديد من صنعه هو؛ وفي هذا إشارة مسبقة إلى "الطبيعة الجديدة" التي يقبلها المؤمن من المسيح. لم يأت المسيح كذلك ليصرف الناس عما هم عليه ولكن جلّ تعاليمه دارت حول إقامتهم في ملكوت الله وقبولهم للحياة الجديدة من يديه الحانيتين فتفيض فيهم بوفرة (يوحنا 10: 10). ما يحتاجه الإنسان ليس جملة جديدة من الشرائع ولا اللوائح وإنما ما يحتاجه هو القلب الجديد الذي يهبه الله للمؤمن به وليس في الأمر مشاع بالجملة ولكنه تسليم وقبول. لا يحتاج الله إلى دبلوماسيتنا عندما نريد أن نقول إن الجميع يدخلون الجنة أو لا ولكن الله يريد لنا أن نتمتع به هو وأن نمتلئ من روحه هو أبينا؛ وشتان بين هذا وبين اللوائح والشرائع بتعقيداتها وصرامتها. إنها حياة يطهرها الله من كل تمييز أو تفوق يرثه الإنسان من "دين الفطرة" وما تمليه عليه فطرته النجسة وذهنه الترابي الدنس، إذ أنه " لم يَعُدْ في المسيح لا رجل ولا امرأة" (غلاطية 3: 28). نذهب إلى المسيح وهو يلقي تعاليمه ونمكث في حضرته كيما يطهرنا. إنه لم يأت لا بالبرق ولا بالرعود بل جاء "حملاً لله حامل خطايا العالم" (يوحنا 1: 29).
قـَـوام كل شي بالمسيح (كولوسي 1: 17). يرتقي المسيح بالإنسان لأنه يؤسس "حضارة المحبة" بتعبير بولس السادس، ويهمه أن يشاهده الإنسان بقلبه وعينه الباطنية إذ قال: "مَن تلقَّى وصاياي (وصية المحبة الوحيدة) وحفظها، فذاك الذي يحبني، والذي يحبني يحبه أبي فأُظْهِر له نفسي" (يوحنا 14: 21). هذا الظهور هو هبة للجميع ولا يحظى به فرد دون سواه.
جاء المسيح ليعتقنا من طوطمية الحلال والحرام الإسلامية، والتي تكبل مجتمعاتنا الشرقية. في الحياة الجديدة حرية صادقة نقبلها من المسيح القائل "إن حرركم الابن فبالحقيقة تصبحون أحراراً". في هذه الحياة الجديدة يجب عدم "مراعاة الأيام والشهور الفصول والسنين" (غلاطية 4: 10)، ولا الخضوع للنواهي: "لا تأخذ، لا تذق، لا تمسّ، تلك الأشياء كلـّهـا تؤول بالاستعمال إلى الزوال. إنّها وصايا ومذاهب بشرية. . . لا قيمة لها"(كولوسي 2: 20)، لأن المسيح قد حررّنا من الشريعة، ولا سيما من الحلال والحرام وذهنية التحريم التي تقيد مجتمعاتنا الشرقية. الحياة الجديدة التي نتسلمها من المسيح لا مكان فيها للحلال والحرام، والروح القدس هو روح الحرية لا الخوف. في الوقت ذاته يحذرنا الرسول بولس من أن تصبح هذه الحرية فرصة للعبودية أو الانفلات فيقول: "إنّكم، أيّها الإخوة، قد دُعيتم إلى الحرِّيّة، على ألاّ تجعلوا هذه الحرية سبيلاً لإرضاء الجسد" (غلاطية 5: 13). ونسأل أنفسنا بصفتنا أبناء لله: هل ما نفعله هو لإرضاء الجسد أم هو للخير؟ هل المراد به وجه الله وخير الله الأسمى أم تلبية أنانيتنا وما تمليه علينا أهواؤنا المتقلـّبة؟ لذلك يقول الإنجيل: "كلّ شيء حلال، ولكن ليس كلّ شيء نافع. كل شيء حلال، ولكن ليس كل شيء يبني" (1كورنثوس 10: 23). وهنا يأتي دور التمييز الروحي بروح الله فيما لله وما للجسد، بدل أن نعتمد على ما هو حلال وما هو حرام. ما هو حلال قد لا يفيد ولا يبني، وبالتالي يصبح من أعمال الجسد ولإرضاء الجسد بحسب الشريعة القديمة. لذلك يؤكد بولس: "دعيتم إلى الحرية". الحرية هي المعيار مادامت تستمد جذورها من محبة الله مباشرة.
بصفتنا عرب، نحن لا نفهم معنى الحوار وذلك لأننا منذ نعومة أظفارنا نلنا في البيئة الإسلامية التي تربينا فيها تعاليماً عن إله صمد جاف صلب يقيم في جمود ويطوقه صمت رهيب ويبقى صَمَداً إلى مدى الدهر، وكأن لا حياة فيه ولا حركة. فانطبعت صورة هذا الإله في مخيلتنا وتجذرت في وعينا الكامن وعقلنا الباطن حيث انعكس هذا بوضوح على أساليب الحوار لدينا الذي تميّز بكونه حواراً من طرف واحد دوماً حيث يتكلم الله بينما الإنسان أمام هذا الإله الصمد محكوم عليه بالصمت لا يجسر على الاعتراض. ما نعرفه كمسلمين هو "مونولوج"، أي حوار من طرف واحد وليس "ديالوج" أي حوار متبادل. التبادل يعني الأخذ والعطاء. الإسلام يحارب أي نوع من أنواع الحوار مع الله. وفي حين أنَّ الصلاة المسيحية هي ديالوج ومحادثة مع الله فالإسلام حيال هذا الإله الصمد لا يقرُّ بشيء من ذلك. لعلنا نتذكر ما حدث مع الأديب توفيق الحكيم عام 1982 حينما تصوّر حواراً يدور بينه وبين الله، حيث ثارت ثائرة سلطات الأزهر ممثلة بالشيخ الشعراوي في ذلك الحين وصادرت مؤلفه، وقد اعتبرت أن الإنسان يمكنه أن يخاطب الله في الصلاة والدعاء، أما الله فهو لا يخاطب عامة البشر وإنما الأنبياء فقط. أما الصلاة المسيحية فتنطلق من إله ناطق بالكلمة ويحب أن يسمعنا نحن- وليس فقط الأنبياء- إذ يقول على لسان عريس النشيد "أسمعيني صوتك" ويعقب هذا صوته الحاني الهاتف في أعماق النفس التي تناجيه وطرق كلامه المتنوعة لمن يناجونه بالدعاء والصلاة. يقول أيضا في سفر إشعياء 1: 8: "هلم نتحاجج"، وهذا يعني أنه لا يكتفي بالإصغاء لنا ولكل ما في جعبتنا بل يرد علينا في أبوّته بطريقته الخاصة، وما أكثر طرقه في الكلام لمن يطلبونه بصدق.
يروي الكتاب المقدس قصة الله في تعاملاته مع البشر عبر التاريخ. إله يخلق الإنسان بدافع الحب ويكلمه بالحب ويفديه من ذاته الأنانية بالحب أيضاً. أخذ الله على عاتقه مهمة إعداد البشرية عبر الأنبياء والرسل من خلال الشعب العبراني إلى أن جاء المسيح فاستهل حقبة جديدة يخبرنا عنها الإنجيل أنها حقبة "ملء الزمان". من خلال أنبياء بني إسرائيل قطع الله عهدًا مع الشعب العبراني وأراد لهم أن يكونوا منارة للشعوب لا لشيء فيهم ولكن لأجل أن كلامه هو نور لسبيلهم وسبيل الأمم معهم. هناك عِشـرة في هذه العلاقة كمن يعاشر القوم ويصبح منهم وهم أهلاً لهم.
يلقون باللائمة على المسلم في تركه الإسلام ويشددون على أن الإسلام هو دين السلام وليس دين السيف كما يقول من يعتبرونهم "خصوم الإسلام"، وما أدراك ما خصوم الإسلام في ذهنية تجنح للاعتقاد بالمؤامرة عند كل فكر مخالف لها. يثورون عند سماع أي تلميح يقول إن الإسلام انتشر بالسيف ودفاعاً منهم ضد هذه الأقاويل يلجأون للسيف لإخراس من سوّلت نفسه ليقول مثل هذا الكلام. إذا وضعنا الإسلام على محك التاريخ، فهل يصمد زعمه حقاً بأنه دين سلام؟ عند ظهور الإسلام كان في البداية هشاً حيث تبع محمد مجموعة من العبيد وعامة الناس مثل بلال بن رباح وغيره. تثبيت الإسلام في جزيرة العرب وخارجها جاء على إثر معارك طاحنة ودخول محمد إلى مكة فاتحاً منتصراً لا بحفنة من الرجال كما يزعمون بل بجيش عرمرم جبار هو قائده العسكري الفاتح. لا صراع فيما بعد مع قريش بما أن محمد بات فاتح مكة وله يتم جمع الجباية وهو صاحب السلطان السياسي الأوحد. بعد "فتح مكة" وفرض السيطرة السياسية والعسكرية عليها تم بسط الإسلام على الجزيرة وله خضع الناس "طوعاً أو كرهاً"، ولم يكن في الأمر من خيار. هنا لنا إلمام بمن قتلهم محمد "غيلة"، وللاغتيال السياسي في الإسلام تاريخ مرير مثلما حدث مع كعب بن الأشرف والأسود العنسي وأبي عفك وعصماء بنت مروة، وللتوسع يمكن قراءة كتاب هادي العلوي "الاغتيال السياسي في الإسلام". هذا بالإضافة لمعارك قام خلالها محمد بتصفية القبائل التي لم ترضخ له مثل بني النضير وبني قريظة وبني قينقاع. ولما قضى محمداً نحبه ارتد عن دين محمد الكثيرون وقامت حروب الردة التي كان هدفها في المقام الأول الثأر ممن رفضوا دفع المال بحسب العادة، وهي خسارة لم يكن ليسمح أبو بكر أن تمر دون عقاب رادع ولذا قال: "والله لو منعوني عقال بعيرٍ كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه حتى يؤدونه". إذاً، هي مسألة ثأر إسلامي للحفاظ على الميزانية المالية لمحمد وشركاه دون اختلال أو نقصان. والنفوذ الإسلامي خارج الجزيرة يبدأ مع عمر بن الخطاب بعد محاولة تمت في عهد محمد باءت بالفشل في غزوة مؤتة. هذا النفوذ الإسلامي تم بسطه من خلال معارك شهيرة مثل القادسية واليرموك وغيرها والتي سالت فيها بحور من الدماء لرفع راية الإسلام خفـّاقة. نجاح المسلمين الأوائل لم يكن بالموعظة الحسنة أو باتباع شعار من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر بل تمّ بالاجتياح العسكري حيث بسطوا خلال سنوات قليلة سيطرتهم على الإرث الفارسي كله؛ وتغير وجه الثقافة الفارسية من انفتاحها وتعددها الزرادشتي الجميل المبدع في شتى أنواع الفنون إلى ثقافة أحادية تقيدها معايير الإسلام الصارمة. تسلط العرب على الإرث الفارسي كله وعلى معظم "إمبراطورية جستنيان البيزنطية" (ما عدا آسيا الصغرى والبلقان)، وأصبحوا يحكمون ملايين الكيلومترات المربعة. وهذا الامتداد المذهل، بهذه السرعة الخاطفة، لم يتحقق إلا عن طريق "السيف". في خلال فترة قصيرة تحقق للعرب المسلمين حكم بلاد من مشارق الأرض إلى مغاربها من خلال "فتوحاتهم" أو بالأحرى يجدر بنا أن نقول "غزواتهم" والتي ركبوا خلالها ظهور الخيل وأحكموا الضرب بالسيوف حتى دانت لهم البلاد والعباد. قال محمد قبل وفاته: أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، واليوم جزيرة العرب تعيش بهذه العقلية الإقصائية الجافة انطلاقاً من وصية محمد، وغير المسلمين لا يدخلون مكة أو المدينة لأن الإسلام يراهم نجس حيث "إنما المشركون نجسٌ". صار الهوس بما هو طاهر وما هو نجس يستبد بخيال المسلم وتفكيره فصار يقسم الناس إلى فسطاط المسلمين الطاهرين وفسطاط النجسين من غير المسلمين.
رغم كل ما يراه المسلم في الدين ويواجهه من خلاله إلا أنه لا يزال يعتريه رعب الانسلاخ عمن الدين وذلك لأنه يرى الدين بصفته هـُوّيته الخاصة وهويته هي الإسلام. قبل أن يكون الإسلام ضرباً من ضروب الروحانية التي تثري الوجدان هو أولاً هوية مثلها مثل هويته كذكر أو أنثى أو جنسيته كمصري أو سوري إلخ. لذا تراه غير قادر على مراجعة هذه الهوية وهذا الإيمان الإسلامي ليضعه في مكانه الصحيح بصفته أيديولوجية قبل أن يكون عقيدة إيمانية. الأصل في الأديان هو الإيمان لا الأيديولوجية. فإذا انطلقنا من الخوف من عذاب النار والاستعداد لذلك بالتدين حتى ما تنال برضى الله فأنت حقاً مسلمٌ. وإن انطلقت في إيمانك من محبتك لله لأنه هو بادر أولاً إلى محبتنا فأنت مسيحي وعلى درب المسيح تسير. حينما اصطفى الله لنفسه شعباً لم يكن ليلقنهم ديانة جديدة ولكن ليجعلهم يسيروا في دربه ولذلك نراه يقطع معهم الميثاق ويأخذ عليهم العهد أنه هو إلههم وهم شعبه لا يجازيهم بحسب سيئاتهم بل بحسب حنانه الدائم وصلاحه الذي لا ينقطع عبر الدهور لأن إلى الأبد رحمته (مزمور 136). هذا العهد بمثابة علاقة أو عقد زواج لا ينفسخ تحت أي ظرف من الظروف والعبرة فيه لا تكون من خلال إتقان الناس لأمور دينهم بقدر ما هي مرتكزة على العهد القائم بين هذا الإله المحبّ وهذا الشعب رغم ما فيه من ضعف وخطايا. يكلم الله الشعب بالأنبياء والمرسلين عبر القرون ولا يأتيهم بوحي جديد ولكن بوحي يكمل مسيرة هذا الكلام يأتيهم في ملء الزمان بمجيء المسيح كما نفهم من عبرانيين 1: 1. ليس الأمر إذا كما يتبادر للمسلم أنه كان هناك دين ثم حلّ محله دين آخر وأخيراً تم الترقيع بحضور دين نهائي يختم كل هذا. كلا! مجيء المسيح لم يكن لأجل فساد من سبقوا من قبل ولكن لأن لله "مخطط" في التعامل مع شعبه ويبدأ هذا المخطط بالأنبياء الذين يرسلهم عبر أزمنة متوالية ثم يختتم بالمخطط الخلاصي لربنا بمجيء مسيحه والذي هو كلمته ونطقه المباشر لا نطقاً عن الله أو تبليغاً لرسالات الله كما في حالة الأنبياء. في المسيح نطق الله نطق مباشر فكان المسيح هو أيقونة الله غير المنظور والذي يكشف الوجه الإلهي المستور عن البشر لقرون عديدة. الله لم يرسل المسيح ليغير الناس ديانتهم من اليهودية إلى المسيحية ولكن ليدخلهم في مرحلة أعمق في هذا العهد الإلهي الذي يقطعه معهم، أرسله كي يدخلهم في علاقة حميمة معهم حيث يفيض بحياته كاملة فيهم. شرح المسيح سبب مجيئه فقال: "أتيت لتكون الحياة للناس ولتفيض فيهم"(يوحنا 10: 10). إنه لا يدعوهم إلى دين جديد ولكن يدعوهم لما هو أكبر وأعمق من الدين بأطره. يدعوهم للدخول في صميم الحياة الإلهية ويشاركونه فيها بما أنه سبق، وهو كلمة الله، بالاشتراك في إنسانيتهم. لا داعي للخوف وليس المطلوب تغيير الديانة ويمكنك أن تسمي نفسك ما شئت من الأسماء ولكن العبرة هنا ليست بـ "اعتناق" ديانة معينة كما هو جاري العرف في بلادنا الإسلامية وإنما العبرة هي بالدخول إلى ملء الحياة الإلهية فنغرف منها لحاضرنا من يوم إلى يوم كي ننتعش بالله ويحيينا فنكون أحياء بالحقيقة لا مجرد ببغاوات تردد الشعائر الدينية في تكرار واجترار. العبرة هي أن نضع أيدينا بيد الله وهو يقودنا.
من أمتع الآيات التي قرأتها وأنا بعد مسلم وجدتها في سفر المزامير أي أدعية داود: "جعلت الرب أمامي في كل حين؛ لأنه عن يميني فلا أتزعزع"(مزمور 16: 8). عندما قرأت هذه الآيات في المزامير وفي الإنجيل لم أفكر أي ديانة يجب أن أعتنق بل كان الشوق إلى الله هو الذي يجذبني ويجرفني رويداً رويداً حتى وجدت المسيح يمسك بيدي ويأخذ بمجامع عقلي وقلبي وحبه قد أسر قلبي ولم تعد تهمني مسميات الأديان. سمني ما شئت، لا يهم، المهم هو ما قاله بولس رسول المسيح واصفاً نفسه في إيمانه الجديد: "لأني عالم بـمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم". العبرة لا تكون في ارتدادك عن الإسلام وليس هذا هو المطلوب ولكن العبرة هي في ما يحدث في قلبك من عمل إلهي لا يقدر أي إنسان أن يعمله ولا يقدر أي كتاب أن يحققه وإنما يحققه روحه الله الرقيق الخفيف كالنسيم في عمله في القلب حيث يبدله فيسير في حركة تجاه ما هو لله لا تجاه ما هو مادي أو جسدي أو شهواني بل ما هو لله وما هو لخير الآخرين.
====================
تسرني مراسلتكم على بريدي الآتي:
timothyinchrist@gmail.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط