لماذا يُخضعونك لكل هذه الإجراءات؟

في غمرة انشغالهم بمهامهم لتأمين سلامة المسافرين على الطائرات، لا يتوفّر لموظّفي الأمن القومي الأميركي الكثير من الوقت ليشرحوا لكلّ مسافر الأسباب التي يخضعونه من أجلها إلى هذه الإجراءات الأمنية الصارمة. لذلك، إليك هذه اللمحة السريعة التي تعرّفك على الدوافع التي أدّت إلى تطبيق مختلف هذه الإجراءات.

التوسيم والفحص بالأشعة السينية

في شهر ديسمبر سنة 1988، أقلعت طائرة شركة بان أميركان الرحلة 103 من مطار هيثرو في لندن باتجاه مطار جان كندي الدولي في نيويورك. بين الحقائب الموجودة في عنبر الشحن، كانت هناك حقيبة سامسونايت محوّلة من رحلة ثانية مصدرها مطار لوقا في مالطا. في داخل تلك الحقيبة كان هناك جهاز راديو مع مسجلة من صنع توشيبا جرى تعديله ليصبح قنبلة بلاستيكية موقوتة. صاحب الحقيبة لم يكن على تلك الرحلة. وعندما كانت الطائرة تحلق فوق مدينة لوكربي في اسكتلندة، انفجرت القنبلة فأدّت إلى مقتل جميع ركّاب الطائرة وعددهم 259 بالإضافة إلى 11 شخصاً على الأرض. أظهرت التحقيقات أن محتويات الحقيبة تعود إلى رجل مخابرات ليبي يدعى محمد المقراحي والذي أُدين بعد ذلك في سنة 2001 بالجريمة وحُكِمَ عليه بالسجن المؤبّد ثم أُطلِقَ سراحه مؤخراً لأسباب إنسانية بعد أن تبين أنه مصاب نهائياً بمرض سرطان البروستات. قامت الحكومة الليبية بدفع تعويضات بلغت بليونين وسبعمئة مليون دولار لذوي الضحايا إضافة إلى أربعة بلايين ونصف البليون لشركة بان أميركان التي تدهورت أعمالها بعد العملية الإرهابية. بسبب تلك الحادثة، لم يعد يُسمَح لأية طائرة بالإقلاع من أيّ مطار وعلى متنها حقيبة دون صحبة مسافر وذلك قبل أن يتم تصويرها بالأشعة السينية والتأكّد من عدم وجود متفجرات داخلها.

تحديد هوية المسافرين

بعد عملية الحادي عشر من أيلول الإرهابية، اتضح أنّ مختلف الجهات الأمنية، فدرالية أو تابعة للولايات، كانت تراقب جماعات مختلفة من الناس المشتبه بهم كإرهابيين. كما اتضح أنه لم يكن يجري تبادل لوائح أسماء هؤلاء بين تلك الجهات الأمنية. لذلك، قامت دائرة أمن المواصلات بإعداد لائحة مشتركة تُعرفُ بـ "لائحة مراقبة الإرهابيين" ـ Terrorist Watch List  ـ أو "لائحة الممنوعين من الطيران" ـ No Fly List   ـ لاستخدامها من قبل جميع الجهات الأمنية لغاية التعرف على الأشخاص الذين يمكن أن يمثلوا خطراً كبيراً على الأمن. واليوم، أصبحت هذه اللائحة تضم ما يزيد عن المليون اسمٍ، خمسة وتسعون بالمئة منهم هم من الأجانب.    

حظر حمل السوائل

في شهر أغسطس سنة 2006، أوقف البوليس البريطاني 24 شخصاً غالبيتهم مسلمون من مواليد بريطانيا اشتبه بهم بأنهم كانوا يخططون لتفجير عشر طائرات بآن واحد فوق المحيط الأطلنطي، وذلك عن طريق صنع مواد متفجرة متكونة من خليط من بيروكسيد الهيدروجين ومشروب التانغ ومواد عضوية أخرى كان يُسمَحُ من قبلُ للركاب باصطحابها كمشروبات مرطبة أو كمستحضرات عناية شخصية. عدد ضحايا المؤامرة لو كان قد جرى تنفيذها كان يمكن أن يزيد عن عدد ضحايا الحادي عشر من أيلول. عملية توقيف المتآمرين تمت قبل تنفيذ مؤامرتهم بسبب تسريبٍ سابق لأوانه للمعلومات. لذلك السبب، وحتى هذا اليوم، لم تؤدِّ الأدلّة المتوفّرة إلى أدانة إلاّ ثلاثة منهم بتهمة "التآمر لارتكاب جريمة باستخدام القنابل السائلة"، وهم، أحمد عبدالله علي وأسعد سروار وتانفير حسين، وقد حُكِمَ عليهم بالسجن مدى الحياة، بينما لا زال الباقون منهم بانتظار المحاكمة.  كنتيجة لهذه المحاولة الإرهابية، لم يعد يُسمَحُ للمسافرين على الطائرات، باستثناء الأمهات المرضعات، بأن يحملوا معهم إلا كميات صغيرة من السوائل لا تتجاوز الثلاث أونصات. من تلك المواد التي شملها القرار، الماء والمشروبات الروحية والشامبو وبخاخات الشعر وما شابه ذلك.

خلع الأحذية وتصويرها بالأشعة

ريتشارد ريد، شخصٌ صدرت بحقه أحكام قضائية مرتين وهو في سن الشباب، واعتنق الإسلام في مسجد بريكستون في جنوب لندن، بريطانيا. في شهر ديسمبر من سنة 2001، ابتاع بطاقة طائرة ذهاباً وإياباً من باريس إلى ميامي وأنتيغوا. ولأنه لم يكن يحمل معه أية أمتعة، فقد أوقفه رجال أمن المطار وقاموا باستجوابه مما أدّى إلى تخلّفه عن الرحلة، لكن سُمِحَ له بعد ذلك بالسفر، فأقلع على طائرة أميركان إيرلاينز الرحلة 63 والتي كان على متنها 197 شخصاً من ضمنهم طاقم الطائرة. بعد 90 دقيقة من إقلاع الطائرة، حاول ريتشارد ريد إشعال فتيل متفجرات كان قد خبأه في حذائه، لكنّ ركاب الطائرة وعناصر من الطاقم تمكنوا من السيطرة عليه وتقييده على كرسيّه ثم قام طبيب بين الركاب بتخديره. اعترف ريد بمخططه الجهنمي حين قال للقاضي: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً هو خاتم أنبيائه الذي بعث به هدىً للعالمين... ولذلك،أؤمن بأنه ليس عليّ أن أعتذر لأحد عن عملي، وإني في حالة حربٍ مع بلدكم." حُكِمَ على ريد بالسجن مدى الحياة في سجن مشدّّد الحراسة تابع للحكومة الفدرالية إضافة إلى غرامة مالية بمبلغ 2 مليون دولار.

الفحص عن طريق الأجهزة الممغنطة      

أسلحة كثيرة استطاع مختطفو الطائرات أن يمرروها معهم، لكنّ أكثر الحوادث شهرة كانت عمليات الاختطاف المتزامنة لأربع طائرات في بوسطن ونيو وورك وواشنطن العاصمة والتي قام بها تسعة عشر مسلماً يوم الحادي عشر من أيلول عام 2001 متسلحين بسكاكين وشفرات فتح العلب.  خمسة عشر إرهابي من بين المسلمين التسعة عشر كانوا من السعودية، أما المخطِّط الرئيسي للعملية فقد كان واحد من القياديين البارزين في القاعدة ويدعى خالد شيخ محمد. استخدم الإرهابيون أسلحتهم للسيطرة على طاقم الطائرة ليقوموا بعد ذلك بتغيير اتجاه الطائرات مستهدفين برج التجارة العالمي ومبنى البنتاغون والكونغرس الأميركي. كان مبنى الكونغرس هو الوحيد بين الأهداف الثلاثة الذي نجا من المخطط الإرهابي، وذلك بفضل شجاعة الركاب على متن تلك الطائرة الذين تعاركوا مع المختطفين مما أدّى إلى سقوط الطائرة على الأرض وتحطمها. آخر التعليمات التي أعطاها محمد عطا قائد هذا الفريق الإرهابي لعناصره هي التالية:

"وعند الالتحام فاضرب ضرب الأبطالِ الذين لا يريدون الرجوع إلى الدنيا وكبِّر فإنّ التكبير يدخل الرعب في قلوب الكافرين. قال الله ‘واضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلَّ بنانٍ’ [سورة 8 : 12] واعلموا أنّ الجنات قد تزينت لكم بأجلى حللها والحور تناديكم أن ‘أقبِل يا وليّ الله’ وهي قد لبست احلى حللها..."

بلغ عدد الضحايا على متن الطائرات وعلى الأرض 2993 شخصاً. وعلى إثر تلك العملية الرهيبة بالذات، لم يعد يُسمَح للركاب باصطحاب السكاكين ولا أية أدوات معدنية حادة كمسنّات الأظافر أو أدوات التصليح الصغيرة.

فحص الحقائب المحمولة باليد بالأشعة:

لنفس الأساب الواردة في الفقرة السابقة.

تذكّر أولئك الذين كانوا السبب وراء هذه الإجراءات،

واستمتع برحلتك!

المقال مترجم عن الإنكليزية:

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط