بسام درويش
/
Jan 03, 2002
المقال التالي هو من جريدة الوطن الموالية لنظام الحكم العراقي والتي تصدر في كاليفورنيا:
«جرائم الكراهية!»
«عانى بعض أبناء الجالية العربية من مظاهر شتى لجرائم الكراهية Hate Crimes، من قبل الآخرين بيضا كانوا أو >لاتينو< وتعددت هذه الجرائم ما بين قتل وشتيمة مثل Go back home (عُد من حيث أتيت). وبفضل الله تعالى أولا، وبفضل الحرية التي تتمتع بها بلدنا أمريكا ثانياً، لم يتعرض لنا مواطن أو مسؤول بسبب كتاباتنا وآرائنا، ولم يطلب منا أحد الرحيل والعودة من حيث أتينا!
غير أن (الوطن) تعرضت لـ Hate Crimes أو جرائم كراهية من قبل عدد من أبناء الجالية العربية نفسها!! الذين هاتفوها وطلبوا من كتّابها أن يعودوا من حيث أتوا.. هذا مع سيل من الشتائم الثقيلة والتي لا يجوز نشرها!
آخر المكالمات الهاتفية التي وصلتنا، كانت من شخص أقسم اليمين تلو اليمين أنه سيترجم مقالات (الوطن) ويرسلها إلى الأف بي آي والسي آي إيه، ظاناً أن (الجماعة) ينتظرون ترجماته.
وكنا نضك [نضحك] على مثل هذه المكالمات كثيراً، ولا زلنا نضحك حتى كتابة هذه السطور. وكنا نرد على اصحاب المكالمات: بأنهم من يستوجب عودته من حيث أتوا، ولسنا نحن. فهم من لم يتخل عن عقدة خوفه العربية، وجاءوا ليعيشوا في أمريكا بالثقافة إياها التي زرعها داخلهم رجال المخابرات والسلطة. وأننا ـ بعكس حالهم ـ أمريكيون أحرار. نمارس أمريكيتنا ونستمتع بها كل يوم حين نمسك القلم وننتقد بوش وإدارته دون أن تصادر الصحيفة ودون أن يعتقل صاحبها ولا يخرج من المعتقل إلا مشلولا أو ميتاً.
فأن يكون الفرد أمريكياً لا يعني هذا أن يجزل الطاعة والولاء للساسة الأمريكين، ولا أن يستبيح دم الآخرين. فالوفاء يكون للوطن ومكانته وثقافته ودوره في العالم.
وواشنطن نفسها، من جهة أو اخرى، بدأت تدرك أهمية ادخال اصلاحات سياسية في معظم الاقطار العربية، لأن سياسة الكبت والقمع ـ كما اكتشفت ـ تولد الارهاب. وهو الارهاب ذاته الذي يقوم به أولئك الغاضبون من صحيفة الوطن لموقفها الناقد لسياسة الإدارة الأمريكية، ويعتبرون هذا الموقف كفيل بتأليب الإدارة الأمريكية ضدهم. وكأن هذه الإدارة تحتاج فعلاً لصحيفة (الوطن) كي تؤلبها ضدهم
*********
يقول نظام المهداوي، صاحب الجريدة الهزيلة المذكورة، أنه "بفضل الله تعالى أولاً، لم يتعرض له مواطن أو مسؤول بسبب كتاباته وآرائه، ولم يطلب منه أحد الرحيل والعودة من حيث أتى!.."
ولكن هل حقاً يعود الفضل في عدم تعرض مسؤول له ولجريدته إلى "الله تعالى"؟.. وما شأن هذا "الله تعالى" بقوانين أميركا؟..
الحرية في أميركا ليست منحة من "الله تعالى" الذي يؤمن به المهداوي ويرفع له الحمد، لأن هذا "الله" الذي يحمده ليس إله حرية وتسامح وصبر. لو كان الفضل في كتابة دستور هذا البلد يعود إلى ذلك "الله"، لكان مصير المهداوي بكل تأكيد كمصير أبي عفك أو عصماء بنت مروان اللذين أمر "رسول الله" بقتلهما، لا لسببٍ إلا لأنهما وجها النقد له!
*****
يقول المهداوي "بلـدنــــا"!.. وبأي حق يسمي أميركا "بلده"؟..
هذا المنافق، إذا لم يكن قد تشرّف بعدُ بحمل جنسية هذا البلد، فإن كلمة "بلدنا" ليست بعدُ من حقه، لأنه ليس سوى زائر مقيم. أما إذا كان قد مُنح شرف الجنسية والانتماء لهذا الوطن، فيبدو واضحاً أنه قد نسي ذراعه التي رفعها يوم أقسم اليمين، مردداً وراء القاضي متعهداً بتكريس ولائه لعلم الولايات المتحدة الأميركية وللجمهورية التي يرمز لها.. لهذه الأمة التي تضمن بقوانينها الحرية والعدالة للجميع.
يبدو واضحاً أن هذا الإنسان لا يتذكّر من ذلك القسم إلا الحرية التي حصل عليها بعد أن كان لا يعرف لها من قبل طعماً. أما إذا ذكّره أحدُ بأن ولاءه يجب أن يكون لهذا البلد الكريم وليس لصدام حسين عدو أميركا والإنسانية، فإن الأمر يصبح في نظره جريمة كراهية!..
هذا الرجلِ جُبل بالنفاقِ جَبْلاً.
غريب أن يعترف هذا المنافق بالاضطهاد الفكري الذي يعاني منه أصحاب الكلمة في البلاد العربية حيث يؤكد أنه ليس هناك في هذا البلد من يخشى أن يُعتَـقَـل من أجل كلمة يقولها ليخرج بعدها من المعتقل مشلولاً أو ميتاً. غريب أن يعترف بذلك ويبقى على عدائه السافر لهذا البلد هو وكل أعضاء الأوركسترا الحاقدة في صحيفته الهزيلة. غريب أن يعترف بذلك ويستمر في دفاعه عن القادة المجرمين الذين يعذبون ويقتلون، حسب وصفه، أصحابَ الكلمة. غريبٌ أن يعترف بذلك ولا يخجل من نفسه حين يدعو هذا البلد ببلد النفاق.
هذا الرجل، لو كان فيه ذرة من ضمير، لجعل من تمثال الحرية قبلةً لصلاته.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط