قد يبدو هذا القول، للوهلة الأولى، صحيحاً مائة بالمائة!
ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ـ قد يبدو هذا القول، للوهلة الأولى، صحيحاً مائة بالمائة! وبخاصة مع بداية هذه الألفية الثالثة.
نحن نحيا بالخبز والحرية! وأي فقدانٍ لإحدى هاتين الضرورتين سيسحبنا من خانة الأحياء إلى خانة الأموات؛ وإن بقينا نتنفس كالآخرين!! ـ هذه المعادلة البسيطة ستتحول إلى مأساة وطنية بامتياز عندما يفتقد أغلبية السوريين للخبز والحرية معاً!!.
نريد أن نقارب مفهوم الحرية، كحاجة وطنية، من منطلق واقعي وليس نظري!. ولسوف أعتذر مسبقاً عن كل المصطلحات والعبارات الواردة هنا؛ والتي يحتمل أن ينعتها البعض خطأً بالطائفية!. نحن نعتقد بأننا علمانيون؛ ولكننا واقعيون أيضاً نكتب ما نفكر به بعيداً عن التملق والمجاملة والتمثيل!!.
ـ نشر الدكتور محمد الموصللي مؤخراً تقريراً هاماً عن "إحصاء الطوائف في سورية" الذي قامت به جهات الدولة المختصة خلال النصف الثاني من عام 2005. التقرير يبين بالأرقام والنسب المئوية عدد أتباع الطوائف (وهي ثمان حسب التقرير. أربع طوائف أساسية أو كبيرة، وأربعٍ أخرى ثانوية أو صغيرة) في سورية البالغ عدد سكانها 18مليون نسمة. أكبر الطوائف هم السنّة (من عرب وشركس وتركمان وشيشان) ونسبتهم 45% أي ما يعادل 8.100 ملايين نسمة. يليهم حسب العدد (من 20% وما دون) العلويون والأكراد والمسيحيون؛ ثم أتباع الطوائف الصغيرة وهم الدروز والمرشديون والاسماعيليون والشيعة.
إذاً، بحسب هذا التقرير سورية، اجتماعياً، بلد فسيفسائي ربما لا يشبه بلداً آخر في المنطقة (باستثناء لبنان)!
ـ حسب روايات الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري، والذي يمثل التيار الإصلاحي في جماعة السنّة، فإن هذه الجماعة تنقسم إلى ثلاثة تيارات: المحافظون ونسبتهم حوالي 80%. الاصلاحيون ونسبتهم أقل من 20%. والراديكاليون السلفيون ونسبتهم أقل من 1%.
يعني، وبحسبة بسيطة، فإن في سورية حوالي 81 ألف سلفي (مع ما تعنيه السلفية من تكفير للآخر ومحاربة وتقتيل لغير المسلمين من المغضوب عليهم والضالين!).
81 ألف سلفي تكفيري ماذا سيفعلون بالبلد عندما يحصلون على الحرية؟!..[راجعوا أشرطة الفيديو القادمة من العراق وأفغانستان وستجدون الجواب]!!.
ـ أسئلة مشروعة:
هل المجتمع السوري اليوم مؤهل، ثقافيا وعلميا ووعيا وإدراكا، لتقبل سيل الحريات العامة الموعودة (والتي يطالب بها الكثيرون في الموالاة والمعارضة) إذا ما قرر النظام أن يمنَّ علينا بها؟؟
هل الديمقراطية قادرة على حل جميع مشاكلنا دفعة واحدة؛ أم أنها ستؤدي إلى الكثير من المآسي والآلام للبلد وأهل البلد؟؟
ألا تبدو سياسات النظام الأمنية، في التضييق على الجماعات السلفية التكفيرية الكامنة، مفهومة منطقياً اليوم (مع ما تعنيه للبعض من انتهاكات للحريات وحقوق الإنسان)؟؟
من ناحية أخرى، ألا يبدو مستغرباً مغازلة النظام (يفترض علماني!!) لرجال الدين من كل الطوائف في سورية، وإقحام السياسة على الدين في كل المحافل الاجتماعية والوطنية والإعلامية؟؟
ـ قلنا في تعليق سابق: نعتقد أن أي إصلاح سياسي واجتماعي مستقبلي لا يجب أن يكرس هذا التيار أو ذاك. إن محاربة التيار الراديكالي الاقصائي لا يتم بتقوية المعتدل وهيمنته على المشهد الإسلامي السياسي في بلد (سورية) متعدد الطوائف والمذاهب والأعراق والقوميات والعقائد. الدين في سورية (أي دين) يجب أن يعود إلى مكانه الطبيعي (بيوت العبادة) لا أن يتصدر الواجهة السياسية والحزبية في البلد. العلمانية هي الحل الأمثل لمشاكلنا. فقط في ظل نظام علماني، يفصل الدين عن الدولة، لن يشعر مطلق إنسان في سورية (سواء كان سني، علوي، اسماعيلي، مسيحي، مرشدي، كلداني، آشوري، ارمني، كردي، درزي، لا ديني ...الخ) بالغبن والإقصاء!.
ـ يقول زياد الرحباني في "العقل زينة": ((فكرك انو الحرية اللي بمخك تجربت بشي محل؟!.. مين قال انو ضروري يكون في حرية؟ هلق في بغال سارحة بتعطيها حرية؟! ولك البغل بيلبط لبطة المجتمع بيجيبو بمجتمع تاني))!
ونحن نقول لزياد: السوريون يطالبون بالحريات، وبين ظهرانيهم يختبئ آلاف البغال!!.. ماذا سيحصل عندما يَسرحون؟!... حلها إذا فيك تحلها!.
وتصبحون على عقل!
*********
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط