بسام درويش / Apr 28, 2005

قام بزيارة الأزهر مؤخراً، وفد من الولايات المتحدة يمثل منظمة "سفراء السلام" بعضوية القس إميل حداد والقس غاري أنسديل وأديب غبريال والدكتور محمد البطران. الهدف الرئيس لهذه المنظمة التي انطلقت حديثاً هو، الخلاص من الكراهية الدينية، ودفع عجلة الأحاديث عن "التسامح بين أتباع الديانات" من حيّز المزايدات السياسية إلى حيّز التنفيذ. أما الغاية من الزيارة فهي للتوقيع على وثيقةٍ عملت المنظمة على وضعها بعنوان "وثيقة الحقوق الدينية" وبعثت بها منذ مدة إلى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي مع دعوة للتوقيع عليها. وفي نهاية الزيارة صادق الشيخ طنطاوي على الوثيقة بكل ما جاء فيها، وطلب من نائبه الشيخ فوزي الزفزاف التوقيع عليها بصفته رئيس لجنة الحوار بين الأديان، وبذلك، يصبح الأزهر طرفاً ملتزماً بها، مضيفاً توقيعه إلى تواقيع مئات المسيحيين والمسلمين واليهود وغيرهم من أتباع الديانات أخرى. وهذا هو نص الوثيقة يليه تعليقنا على الموضوع.

 

وثيقة الحقوق الدينية

  • حافز هذا القرار هو وجود جرائم الكراهية باسم الدين
  • تقرر الإعلان عن هذا القرار الوثيقة، بعد أن صيغت كلماته بشكل يعبّر عما اتفق عليه شفوياً، زعماء روحيون، من مختلف الاتجاهات الدينية.

هذا القرار، هو خلاصة لتصريحات عامة مختلفة، صدرت عن هؤلاء الزعماء هنا وهناك، وقد قررنا وضعها في صيغة مكتوبة واضحة كي تقودنا إلى تحمّل مسؤولية ما نقول.

  • إن المجتمع الديني في العالم أجمع، لم يعد يقبل بتسييس حقوق الإنسان الممنوحة من الله والتي تتمثل أهمها في حرية الاعتقاد والعيش بسلام على هذه الأرض.
  • لذلك، فإن مساندة هذا القرار، سيعزز الاحترام والتسامح بين أتباع الديانات المختلفة وحرية الاعتقاد والتعبير، ليصل بنا إلى وضع نهاية لأعمال الانتقام والاضطهاد.
  • هذا القرار، يدعو جميع المسؤولين الدينيين والزعماء السياسيين لتحمّل مسؤولية كل كلمة من كلماتهم التي يتحدثون فيها عن رغبتهم بالعمل من أجل السلام.
  • انطلاقاً من ذلك، فإننا نعلن هنا، أن الجواب الوحيد للخلافات الدينية، يكمن في الحوار المبني على الاحترام المتبادل بين اتباعها، وليس في اللجوء إلى العنف.
  • هذا القرار لا يسعى أن يكون قراراً سياسياً أو مسكونياً ولا يهدف لتغيير معتقدات، أو مقارنات، أو تفسيرات، كذلك فإنّ هذا القرار لا يتضمن أي توجهات عنصرية أو وطنية.

 

نحن الموقعون نقرر ما يلي:

       1.         ندرك بأنّ هناك متطرفين بين أتباع كل دين من الأديان.

       2.         ونقرّ بأنّ اللجوء إلى العنف لتأكيد وجهة نظر دينية أو لإجبار آخرين على اعتناقها هو أمر مرفوض بتاتاً.

       3.         كممثلين عن جميع الأديان في العالم، مشتركين معاً في إنسانية واحدة وبإيماننا الشخصي بخالقنا، نتفق هنا على تقديس حق كل فرد في الإيمان بخالقه.

       4.         لذلك فإننا نقر بوجوب احترام حقوق جميع الأفراد الممنوحة من قبل الخالق وبأنها غير قابلة للتبديل.

       5.         نؤمن بأن لجميع الأفراد أو الجماعات من مختلف الديانات، الحق في أن يعرضوا بشكل سلمي على الآخرين نظرتهم الخاصة بالأمور اللاهوتية أو الإنسانية أو الحياة الآخرة.

       6.         لجميع الناس من كل المؤسسات الدينية، الحق في الإعلان عن معتقداتهم وفي مناقشتها في أي مكان عام وبعيداً عن العنف.

       7.         نؤمن بحق كل فرد في الإيمان بأي دين يشاء.

       8.         لكل إنسان، رجلاً كان أو امرأة، حق مقدس، في اعتناق أو رفض اعتناق دين من الأديان دون التعرّض لأذىً من قبل أي جهة دينية أو سياسية.

       9.         نقر بأنه لا يحق لأي جهة دينية أو سياسية أن تتدخل في الخدمات الروحية لأتباع أي دين.

     10.       لكل فرد الحق في مناقشة حقائق دينه دون خوف من انتقام.

     11.       لكل فرد الحق في أن يستمع إلى غيره أو أن يُسمِعَ الآخرين صوته. لكل إنسان في العالم الحق في تعلّم حقائق دينه والحصول على كتبه المقدسة.

     12.       لكل إنسان بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي أو الوطني، الحق في أن يعيش بسلام مع جيرانه مهما كان معتقدهم.

     13.       لكل فرد من أي دين الحق في أن يستمع إلى فرد آخر.

     14.       لا يحق لأحد التدخّل أو في تعطيل خدمة روحية لغيره.

     15.       لكلّ ساعٍ وراء المعرفة الحق في الذهاب إلى أية خدمة دينية لإرضاء معرفته.

     16.       لكل إنسان الحق في أن يُشارك الآخرين في معرفته.

     17.       وبناء على ذلك، فإننا نصر على أنّ لأتباع جميع الأديان حقاً مقدساً في أن يُشركوا الآخرين في معرفتهم وأن يعيشوا بسلام مع حصيلة هذه المعرفة.

************

كرئيس لجامع الأزهر ـ أعلى مرجع إسلامي ـ وبمصادقته على هذه الوثيقة، يواجه الدكتور محمد سيد طنطاوي اليوم، وكذلك مؤسسة الأزهر، امتحاناً كبيراً.

فالوثيقة تقول إنّ "هذا القرار، يدعو جميع المسؤولين الدينيين والزعماء السياسيين لتحمّل مسؤولية كل كلمة من كلماتهم التي يتحدثون فيها عن رغبتهم بالعمل من أجل السلام." وهذا يعني أن مصادقته عليها تعني قبوله بكل كلمة من كلماتها وكأنه هو نفسه قائلها، وبالتالي فإن عليه تحمّل مسؤولية هذه الكلمات واية كلمة أخرى قد يقولها في المستقبل متحدثاً عن التسامح بين الديانات. 

ينص البندان الخامس والسادس من الوثيقة أن "لجميع الأفراد أو الجماعات من مختلف الديانات، الحق في أن يعرضوا بشكل سلمي على الآخرين نظرتهم الخاصة بالأمور اللاهوتية أو الإنسانية أو الحياة الآخرة." وأنّ "لجميع الناس من كل المؤسسات الدينية، الحق في الإعلان عن معتقداتهم وفي مناقشتها في أي مكان عام وبعيداً عن العنف." وهذا يعني أن للبوذي أو الهندوسي أو المسيحي أو اليهودي الحق كل الحق كما هو للمسلم، في أن يعرض بشكل سلمي على الآخرين، نظرته الخاصة بأية أمور دينية أو إنسانية، وأنه لا يجوز لأحد أن يلجأ إلى العنف للوقوف بوجه هذا الحق. وبعبارة أخرى، إن هذا يعني حق المسيحي أو غيره في أن يفترش أرض حديقة الأزبكية، ويجمع حوله من أراد أن يجمع، ويحدثهم بشكل سلمي عن دينه، ويجيب على اسئلتهم دون خوف من أحد. وإذا ما تعرض له أحد بعنف أو حاول أحد منعه، فإن على شيخ الأزهر الذي وعد بتحمّل مسؤولية هذه الكلمات التي صادق عليها، أن يثبت ذلك مستخدماً كل صلاحياته، حتى ولو تطلب الأمر إصدار فتوى تطالب بمحاكمة الذين يتصدون لذلك المسيحي أو غيره.

ينص البندان السابع والثامن، أن الشيخ طنطاوي، يؤمن "بحق كل فرد في الإيمان بأي دين يشاء." وهذه العبارة لا تقول "بحق كل فرد أن يؤمن بدينه" إنما بحق "كل فرد" في "أن يؤمن بأي دين يشاء". و "كل فرد" تعني سواء كان مسلماً او مسيحياً أو غير ذلك في أن يؤمن "بأي دين يشاء". ويزيد هذا البند وضوحاًً البند الثامن الذي يقول إنّ "لكل إنسان، رجلاً كان أو امرأة، حق مقدس، في اعتناق أو رفض اعتناق دين من الأديان دون التعرّض لأذىً من قبل أي جهة دينية أو سياسية."

ينص البندان الخامس عشر والسادس عشر على أن "لكلّ ساعٍ وراء المعرفة الحق في الذهاب إلى أية خدمة دينية لإرضاء معرفته." وأن "لكل إنسان الحق في أن يُشارك الآخرين في معرفته." وهذا يعني أن للمسلم الحق في الذهاب إلى خدمة دينية مسيحية لزيادة معرفته بالدين المسيحي، وأن له الحق بالتالي في أن يشارك الآخرين بما حصل عليه من معرفة أو أن يساعده الآخرون في ما يسعى إليه من معرفة. وهذا يقود إلى ما ينص عليه البند الأخير وهو السابع عشر الذي يقول: "وبناء على ذلك، فإننا نصر على أنّ لأتباع جميع الأديان حقاً مقدساً في أن يُشركوا الآخرين في معرفتهم وأن يعيشوا بسلام مع حصيلة هذه المعرفة." وهذا البند يعني إصراراً من الموقعين على الوثيقة بمن فيهم الأزهر على قبول "العيش بسلام مع حصيلة هذه المعرفة" أي الرضى التام بكل نتائج هذه المعرفة والتي قد تكون تركاً لدينٍ واعتناقاً لغيره.

************

هذه الوثيقة مكتوبة باللغة العربية، وبنودها واضحة لا لبس فيها، والشيخ طنطاوي إنسان ضليع في اللغة العربية، ولذلك لا مجال للاعتقاد بأن كلمة من كلماتها قد فاته فهم معناها. ما نأمله هو أن تكون مصادقته عليها نابعة من رغبة صادقة في العمل على تحقيق التسامح بين الأديان، وأن لا تكون مثل مصادقات العرب على مواثيق حقوق الإنسان التي غالباً ما ينتهكون بنودها قبل أن يجف حبرها.  

مصادقة الشيخ يجب أن تتبلور في العمل وليس في تصريحات جديدة، وأقباط مصر هم المؤشر الأول الذي سوف يشير إلى مصداقيتها أو عدمها.

*************

يمكنكم زيارة موقع سفراء السلام:  http://www.am4peace.com

=====================

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط