بسام درويش / Jan 18, 2015

ردود الفعل على الأعمال الإرهابية الإسلامية التي تستهدف منشآت تجارية أو جماعاتٍ أو أفراداً في الغرب، غالباً ما تخمد بمرورالزمن، وخاصة بعد أن تلقي سلطات الأمن القبض على الفاعلين أو بعد أن تقضي عليهم. لكنّ أبعاد ردة الفعل على العمل الإرهابي الأخير ضدّ صحيفة شارلي ايبدو ستكون مختلفة كل الاختلاف هذه المرة.

حرية الإنسان، وخاصة حرية التعبير لدى الغربيين هي قدس الأقداس الذي لا يحق لأحد المساس به وخطُّ أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه. إنها الحرية نفسها التي تسمح للمسلمين بممارسة دينهم على الرغم من كل ما يتضمنه هذا الدين من تعاليم تتناقض مع القيم الإنسانية والحضارية التي يقدسها الغرب. لذلك، فإن ردّة الفعل على هذا الاعتداء لا بدّ وأن يكون لها انعكاسات سلبية على تواجد المسلمين في الغرب وعلى المهاجرين الجدد منهم.

لقد تجاوز المسلمون في هذا الاعتداء البربري، ومن قبله اعتداء مماثل على صحيفة سويدية، الخط الأحمر بكل معنى الكلمة فاستنفذوا تسامح الشعب الغربي استنفاذاً تاماً. وإذ وعى قادة الدول الإسلامية، وبالذات العربية، فداحة هذا العمل، فقد سارعوا إلى إدانته بشكل لم يسبق له مثيل محاولةً منهم لامتصاص الغضبة العارمة التي عمّت الشعب الفرنسي والشعوب الأوروبية كلها. لكنّ هذه الإدانة في الحقيقة ليست إلا نفاقاً في نفاق يتميز به العرب بشهادات اختصاص. فقادة هذه الدول، وبالذات السعودية ودول الخليج، يعرفون تماماً من أين يستلهم الإرهابيون حقدهم وأفكارهم الشريرة، وسواء كان هؤلاء الإرهابيين قد ولدوا ونشأوا في الغرب أو قدموا من البلاد الإسلامية، فإنهم كلهم قد تخرجوا من مساجد بُنيت برعاية دول إسلامية أو بأموالِ جمعياتٍ أو أفراد في هذه الدول.

إذا كان قادة الدول الإسلامية صادقين في إدانتهم للإرهاب، فالأجدر بهم أن يسارعوا إلى اتباع خطوات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدعوة "علماء" دينهم وحثهم على الشروع بثورة دينية جديّة لمراجعة التعاليم العفنة في هذه الايديولجية وتحرير عقولهم منها. وإنه لأمرُ يبعث على السخرية حقاً أن نرى حكومةً كالحكومة السعودية مثلاً تدين عملاً إرهابياً قام به مسلمون ضد حرية الرأي في فرانسا بينما تحكم على أحد مواطنيها بالسجن عشر سنوات وبألف جلدة على مدى عشرين أسبوعاً لممارسته حقه في حرية التعبير!

================ 

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط