بسام درويش / Oct 01, 2017

في محاضرة ألقاها في أحد جوامع السعودية، قال الشيخ الداعية وعضو مجلس الفتوى سعد الحجري إن النساء لا يجدر بهنّ قيادة السيارات لأنهن إن فعلن ذلك يصبحن ذوات ربع عقل.

وبعد انتشار الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، أصدرت السلطات السعودية على الفور قراراً بمنع الشيخ من الإمامة والخطابة؛ وقال المتحدث الرسمي باسم إمارة منطقة عسير إن قرار منع الحجري يهدف إلى "الحد من استغلال المنابر الدعوية لطرح أراء ووجهات نظر تسبب الجدل بين فئات المجتمع وتنتقص من قيمة الإنسان".

~~~~~~~~~~~~~

ما قاله الشيخ سعد الحجري لم يكن شيئاً من عنده، فآراؤه هذه مستوحاةٌ من نصوص القرآن والأحاديث النبوية التي قضى معظم حياته ينهل منها.

القرآنُ واضح في تعاليمه التي تنتقص من قيمة الإنسان وبالذات من قيمة المرأة؛ فشهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد، (البقرة 282) وحق المرأة في الإرث نصف حق الرجل، (النساء 11)، والرجل قوّامٌ على المرأة يحق له تأديبها وضربها، (النساء 34)، والمرأة هي متاع من الأمتعة الكثيرة التي يملكها الرجل (آل عمران 14)، ناهيكمُ عمّا تزخر بها كتب الأحاديث والسيرة من أقوال تحطّ من كرامة الأنثى. فالمرأة هي من حبائل الشيطان، ومثل لعبة يُلعَبُ بها ثم تُترَك، ومثل الضلع المعوجّ إن تُرك على حاله انتُفِع به وإذا حاول أحد تقويمه كسره، وفجورها كفجور ألف فاجر، ولا يحق لها أن تصوم أو تخرج من بيتها أو تترك فراش زوجها حتى للصلاة إلا بإذنه، وهي أكثر أنواع الحطب الذي يستخدم وقوداً لنار جهنم، وهي مصنفة مع خمسة كائنات أخرى تقطع صلاة المسلم إذا مروا أمامه وهو يصلي: الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي، وهي عبدةُ لزوجها لن تفيه حقّه حتى ولو لحست بلسانها ما سال من منخريه دماً وقيحاً وصديداً.. وعلى هذا المقياس من مئات المئات من الأحاديث "الشريفة" قِسْ!"

~~~~~~~~~~~~~

يبدو واضحاً أنّ شيخنا الحجري قد ورّط نفسه باستخدام عبارة "الربع"، فلو أنه رضي بــــــ "النصف" لكان قد التزم بإجماع العلماء فوفّر على نفسه النقمة والعقاب ولما كان تسبب بكل هذا "الجدل بين فئات المجتمع." مع ذلك، فإن الجدل الذي أثاره الشيخ يُبرزُ سؤالين مهمّين: هل أصبح الخلاف الآن بين المجتهدين محصوراً فقط على مقدار نقص عقل المرأة عن الرجل... أربعٌ هو أم نصف...؟ وهل يُفسَّرُ الغضب على عبارة "الربع" بأنه دفاعٌ عن نظرية النصف؟

~~~~~~~~~~~~~

لقد خطا الملك سلمان اليوم خطوة ممتازة بالسماح للنساء في السعودية بقيادة السيارة، ولا شكّ بأنها كانت بطلب من ولي عهده الأمير محمد الذي يُتوقّع أن يتبوّأ العرش في المستقبل القريب (وربما قبل رحيل والده الملك). لكنّ الخطوة الحقيقية التي تحتاجها السعودية وكل العالم الإسلامي، هي إعادة النظر بكل التراث المتخلف الذي يستوحي منه الشيخ الحجري آراءه والتي لا يمكن أن يُلام عليها أبداً طالما بقي هذا التراث يُعلّم في مدارس وجامعات تخرّج المتحجرين من أمثاله.

=============

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط