بسام درويش / Mar 29, 2014

انتهى اجتماع القمة الـ 25 الذي عقده زعماء العرب في الكويت، ككل اجتماع سابق لهم، وذلك بإصدار بيان لا يتضمن إلا العبارات الطنانة والقرارات الفارغة.

أهم ما يلفت النظر في هذا البيان هو مطالبة المجتمعين لنظام الحكم في سورية "بالوقف الفوري لجميع الأعمال العسكرية ضد المواطنين السوريين، ووضع حدّ نهائي لسفك الدماء وإزهاق الأرواح"، وأيضاً، "إدانة المجازر والقتل الجماعي الذي ترتكبه قوات النظام السوري ضد الشعب الأعزل، بما في ذلك استخدامها للأسلحة المحرمة دولياً...!" وكذلك دعوتهم لـ "الدول العربية ودول العالم العمل على نحو حثيث لوقف حمام الدم وانتهاك الحرمات وتشريد المواطنين السوريين من ديارهم."

لو كان هؤلاء العربان صادقين في تعاطفهم مع الشعب السوري وفي إدانتهم للمجازر التي تُرتكب بحقه، لكانوا قد أدانوا أيضاً الجرائم التي ترتكبها عصاباتهم المسلحة من أعمال لا تقل في بشاعتها عن بشاعة جرائم النظام. وإذا كان النظام يستخدم أسلحة محرمة دولياً، فماذا إذاً عن قطع الرؤوس وصلب الناس في الشوارع وإعدام الأطفال وخطف وقتل الصحفيين ورجال الدين واحتلال الكنائس وتدنيسها وتدميرها وتهجير الأقليات وخاصة المسيحيين أصحاب البلاد الأصليين؟ أليست هذه أعمال محرمة دولياً، أم أنها في عرف وتقاليد العربان المسلمين محللة ومبررة؟

ثورة الشعب السوري بدأت سلمية، وكان يمكن أن تستحوذ على تأييد العالم بأسره لو لم تمتد إليها أصابع البدو ليحولوها إلى ثورة دموية أهلكت ما يزيد عن المئة وخمسين ألف من السوريين وشردت ما يقارب الستة ملايين منهم. 

المسيحيون في سورية ليسوا مع النظام لأنهم لم يستفيدوا من هذا النظام شيئاً، إنما على العكس تماماً فقدوا الكثير منذ بداية حكمه. لكنّ هذه "الثورة" لا تذكّرهم إلا بما هو أسوأ من النظام. إنها تذكّرهم بالذل الذي عاشوه تحت حكم المسلمين، كما تعيد إلى أذهانهم صورة مذابح 1860 والتي يرونها اليوم تتكرر قولاً وفعلاً بدعم من هؤلاء البدو.

إذا كان العربان صادقين في دعوتهم إلى ما يسمونه في بيانهم بـ "المصالحة الوطنية"، فالأجدر بهم أن يعملوا على جمع المعارضة الشريفة الوطنية مع النظام لوقف حمامات الدم قبل كل شيء، وبعد ذلك لكل حادث حديث. النظام يعرف أنه فقد كل قاعدة شعبية ـ إذا افترضنا أنه قد كان له حقاً أية قاعدة شعبية ـ وهو لن يصمد بعد المصالحة، وسيسقط إما عاجلاً أو آجلاً. لكنّ حقيقة العربان مفضوحة وواضحة؛ فمصلحة الشعب السوري ليست هي التي تقلقهم إنما مصالحهم الإقليمية وخوفهم عليها من إيران.

إذا لم تعد إسرائيل العدو الأول للعربان وأصبحوا لا يرفضون الجلوس معها، فالأحرى بهم أن يجلسوا مع إيران أيضاً ويشركوا إسرائيل معهم فيحلوا مشاكلهم، وآنذاك ربما يرتاح الشعب السوري والشرق الأوسط كله كما يرتاح العالم كله منهم ومن مشاكلهم. 

============ 

======== 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط