بسام درويش / Jan 02, 2004

بعث إلينا السيد وديع س. بقصاصة من جريدة اسمها "العالم العربي" تحتوي على حديث للشيخ بلال الحلاق يجيب فيه على أسئلة القراء. من بين الأسئلة التي أجاب عليها كان التالي: "هل ورد عدد الموتى الذين أحياهم سيدنا عيسى عليه السلام بطريق المعجزة؟" وكان جواب الشيخ كما يلي:

"نبي الله عيسى عليه السلام أحيا أربعة موتى بإذن الله وذلك معجزة له عليه السلام ودليل على نبوّته. وقد كان نبيّ قبل عيسى في بني إسرائيل اسمه حزقيل أحيا جبانة بكاملها. وسيدنا عيسى سمي المسيح لأنه كان يمسح على المرضى فيتعافون بإذن الله وقيل لأنه كان يكثر من السياحة لتبليغ الدعوة إلى دين الإسلام."

==================

 

لا نعرف إذا كان هناك أحدٌ ما طرح على الشيخ هذا السؤال، أم أنه قد اخترعه عن سوء نية كي يفسح المجال لنفسه للتعريض بالمسيحية والتقليل من أهمية أعجوبة المسيح التي أعاد فيها الروح للموتى. وعلى أية حال فإننا لهذا الشيخ نقول:

أولاً: إذا كانت معجزة إحياء الموتى التي قام بها المسيح أو أية معجزة أخرى هي الدليل على نبوّته فقد أكّد لنا الشيخ بفمه أن محمداً لم يكن نبياً لأنه لم يأتِ ولا حتى بأعجوبة واحدة، لا بإذن الله، ولا بدون إذنه.

ثانياً: القصة التي يتحدث عنها الشيخ، مرَّ ذكرها في سفر حزقيال من العهد القديم على أنها رؤيا وليست حدثاً. (راجع سفر نبوءة حزقيال الفصل 37 ) حتى القرآن لم يأتِ على ذكر قيام حزقيال النبي بأعجوبة كهذه. صحيح أن القرآن يتحدث بإيجاز عن جماعة من الناس خرجوا من ديارهم خوف الموت فأماتهم الله ثم أحياهم ولكنه لا يذكر شيئاً عن أن لحزقيال يداً في تلك "الأعجوبة." (أنظر الآية 243 من سورة البقرة) والحقيقة، أن هذه القصة، قد جاءت مشوّهة على لسان المفسرين والرواة المسلمين الذين كانوا يجمعون من القصص والأخبار ما يحيّر الألباب في مصادرها واختلاف رواياتها.

ثالثاً: إذا اعتقد الشيخ أنه يقلل من تفرّد المسيح بهذا النوع من الأعاجيب، فإننا نذكّره قبل كل شيء بأنّ عظمة المسيح ليست في عجائبه إنما في تعاليمه. على أية حال فإننا سنساعد الشيخ على توسيع معلوماته بإرشاده إلى مراجع أخرى من العهد القديم تتحدث عن عودة أموات إلى الحياة بواسطة الأنبياء. من هذه القصص، قصة الصبي الذي أحياه أليشاع النبي والتي ورد ذكرها في سفر الملوك الثاني ( 4 : 8 37 ) وأيضاً قصة إحياء النبي إيليا لصبي فارقته روحه كما ورد ذكرها في سفر الملوك الأول ( 17 : 17 24 ) وكذلك قصة عودة ميت إلى الحياة بمجرّد مسّ جثته لعظام أليشاع النبي بعد أن ألقي في قبره. هذه قصص يُفترض بأنها على الأقل حقيقية وليست رؤيا كتلك التي تُنسب إلى حزقيال والتي ربما اعتمد الشيخ في روايتها على ما جاء في "آثار البلاد وأخبار العباد" للقزويني. ما نريد أن نقوله للشيخ ونحن نمده بمراجع أخرى لأعاجيب مشابهة، أن المسيح لم يكن بحاجة إلى أعاجيب لإثبات عظمته، لا بل أشاد بالذين آمنوا به ولم يروا أعاجيبه. (أنتم رأيتم فآمنتم ولكن طوبى للذين آمنوا ولم يروا). المسيح، جمع الآلاف من البشر ثم ملايين الملايين بقوة الكلمة وليس بقوة السيف، على العكس من محمد الذي لم يستطع أن يؤسس دينه إلا بعد معارك طاحنة لفترة عقد من الزمن كان خلالها يعقد معاهداتٍ ويحنثُ بأخرى. 

أما ما جاء به الشيخ "جحا" هذا عن تفسيره لاسم المسيح فهو نكتة لطيفة لم يكن هو أول من طلع بها، ولكن، ما هو ألطف منها، فهو نكتة إكثار المسيح من السياحة لتبليغ الدعوة إلى دين الإسلام!.. 

هل يعقل أن يصدّقَ أحدٌ بأن المسيح الذي جاء يدعو إلى السلام بين الشعوب، وإلى محبة الأعداء، ويحذّر الناس من الزنا وحب المال وغير ذلك.. هل يمكن أن يسيح هذا المسيح في الأرض يبشّر بنبي يأتي بعده يعلّم الناس القتال، ويزرع بينهم الكراهية، ويسمح لهم بالزنا المشروع عن طريق زواج المتعة أو امتلاك الإماء، كما ويفرض الأتاوة على الناس الذين يريدون زيارته؟..

هنا لا يسعنا إلا أن نتوقف عن الحديث لنقول للشيخ بأنه قد تعدّى مرحلة "التنكيت" ووصل إلى مرحلة الخرف!

(ملاحظة: تاريخ هذه الرسالة والرد عليها ضاع خلال نقل المواضيع من موقع الناقد القديم إلى الموقع الجديد، ولذلك فإن التاريخ المذكور أعلاه غير مؤكّد)

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط