بسام درويش / Oct 20, 2004

أشعر بالقرف وأنا أتصفح الجرائد العربية في أمريكا فأطّلع على ما تزخر به من عداء وكراهية لهذا البلد وشعبه. ويتزايد القرف حين أجد "مسيحيين" يساهمون مع أصحاب هذه الصحف في بث سمومهم ضد هذا البلد الذي استماتوا للحصول على تأشيرة سفر إليه هرباً من العيش في ظل أحكام الإسلام. لكن، يصل هذا القرف حدّ التقيّؤ، حين أرى مسيحيين يساهمون بإعلاناتهم في هذه الصحف، أي، وبعبارة أخرى، يدعمون بأموالهم حملة العداء والكراهية ضد هذا البلد وشعبه. أما ما هو أسوأ من كل ذلك، فهو أن حملة العداء والكراهية لا تقتصر على الجرائد التي يملكها مسلمون، إنما تشارك فيها صحف يملكها "مسيحيون"!

************

أنا أفهم بأن المحمدية تعلم أتباعها أن لا يكونوا أمينين لحاكم غير محمدي، وأن يبيتوا له العداء في قلوبهم إذا خشوا على أنفسهم من التصريح، وهم في أميركا دون أي شك لا يخشون من ذلك؛ لكن ما الذي يدفع مسيحياً لأن يشارك هؤلاء في كراهيتهم وعدائهم، لا بل يدعمهم بجهده وماله؟..

ربما يقول لي قائل، "هناك صحف أمريكية يكتب فيها أمريكيون يوجهون انتقاداتهم بقسوة ما بعدها قسوة للحكومة الأمريكية، فلماذا لا ترى فيهم أعداء لهذا البلد ايضاً؟"

إلى هؤلاء أقول إن هناك فارقاً كبيراً بين نقدٍ غايته مصلحة البلد ونقدٍ لا غاية له إلا مصلحة أعداء البلد. هذا النوع الأخير من النقد هو ما يقوم به الطابور الخامس المتمثل بالصحف العربية والمنظمات المحمدية وكل المخدوعين بهم من المغفلين المسيحيين.

أتحدى أيا من هؤلاء، محمديين كانوا أو مسيحيين أن يثبت بأن لا غاية له من نقده إلا مصلحة هذه الأمة التي يعيش في ظل علمها ودستورها وأنه لا يخدم في نقده أعداءها. أتحداهم جميعاً وفي ملفاتي نماذج من كتاباتهم قضيت في جمعها ما يزيد عن خمسة عشر عاماً.

هذه الصحف هي نشرات معادية لهذا البلد، واولئك الذين يساهمون فيها بأي شكل من الأشكال إنما يخدمون مصلحة أعداء الأمة؛ وإذا ادّعوا أنهم كانوا على جهل بذلك، فلعلّهم لن يكونوا الآن كذلك.

إني أدعو علانية كل الذين يعتبرون أنفسهم مواطنين صالحين في هذا البلد، أن يتوقفوا عن المساهمة مع نشرات الطابور الخامس هذه، واضعين مصلحة هذه الأمة فوق كل مصلحة تجارية أو علاقات صداقة. كذلك أدعو كل إنسان محب لهذه الأمة يفضل مصلحتها فوق أية مصلحة أخرى، أن يقاطع كل المعلنين في هذه النشرات الصفراء، وأن يعبّر لهم عن امتعاضه بصراحة ودون مواربة.

**********

أنْ لا ننسى وطننا القديم الذي جئنا منه، هو أمر عظيم لا شكّ فيه أبداً؛ لكن حبنا للوطن القديم يجب أن نؤكّده له بالعمل على إنقاذ إخوتنا وأصدقائنا الذين لا زالوا يعيشون فيه، من الأنظمة التي لا تحترم حريتهم وكرامتهم وإنسانيتهم. حبنا للوطن القديم يجب أن نؤكده بالسعي لرفعه إلى مستوى الوطن الجديد الذي ما لجأنا إليه إلا لأنه أعظم مستوىً. حبنا للوطن القديم يجب أن يتبلور عملاً من أجله وليس من أجل المتربعين على عروش الفساد فيه. وحبنا للوطن القديم لا يجب بأي شكل من الأشكال أن يتبلور عداء وكراهية لهذا البلد الذي فتح لنا صدره، بعد أن وجدنا مشردين فآوى، ومظلومين فأنقذ.

**********

أنا أعرف أن أول كلمة سيصفني بها هؤلاء وغيرهم هي كلمة "متعصب"، ولهؤلاء أقول: إذا كان ذلك في نظرهم تعصباً، فإني لفخور بهذا الوصف. لذلك، فمن على هذا المنبر أرفع صوتي وأوجه دعوتي:

إلى كل من يحب هذا البلد ويقدّر معروفه..

إلى كل من يفخر بولائه لهذا البلد وعلمه..

إلى كل عاقلٍ بعيدِ نظرٍ، يعرف أن مستقبله ومستقبل أولاده وأحفاده، هو في هذا البلد وليس في أي مكان آخر على الأرض..

إلى كل مهاجر يحس بما، ويتألم لما، يعانيه إخوته وأصدقاؤه وكل أبناء جلدته في وطنه القديم.. فيبذل ما في وسعه من أجلهم وليس من أجل ظالمهم.. 

إلى كل من يكره النفاق والدجل..

إلى كل هؤلاء، أوجه دعوتي لهم إلى التعصب معي!

***********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط