بسام درويش / Feb 17, 2005

أصابع الاتهام بالتورط في اغتيال رفيق الحريري والتي تشير إلى النظام السوري كثيرة والأسباب وجيهة. ورغم وجاهة الأسباب، لا أستطيع إلا أن أتساءل ـ حتى ولو بدا تساؤلي وكأنه دفاع عن الشيطان ـ هل يعقل أن يتورط النظام السوري بعمل من هذا القبيل يعرف مسبقاً أنه حتى ولو لم يكن هو وراءه، أنّ أصابع الاتهام لن تشير إلا إليه؟..  

سؤال آخر يبرز أمامي. إذا كان النظام السوري هو حقا وراء هذه الجريمة، فهل يعقل أيضاً أن يكون بشار الأسد، هذا الطبيب الشاب خريج جامعات بريطانيا، قد انجرف مع الحرس القديم فوضع ختم الموافقة على عملية اغتيال رهيبة كهذه؟.. 

عملية الاغتيال هذه ستوحد الصفوف بين اللبنانيين شاؤوا أم أبوا، وستدفعهم للمطالبة برحيل السوريين بأسرع فرصة، ولا شكّ في أن النظام أيضاً يحسب حساباً لردة فعل كهذه! فكيف له رغم كل هذه المعادلة أن يفعل فعلة شنيعة كهذه يعرّض نفسه فيها لغضب العالم ولتوحيد اللبنانيين الذين عمل على زرع التفرقة بين صفوفهم لسنين طويلة؟

هل يتوقّع هذا النظام من أي نظام آخر أن يقف إلى جانبه في حال ظهور ضلوعه في عملية الاغتيال؟

بصراحة.. يصعب علي التصديق بأن النظام السوري على هذا المقدار من الحمق!

لكن، عندما أرجع فأتأمل في مواقف وتصريحات وتصرفات هذا النظام خلال السنوات الأخيرة، ولا أجد إلا الحمق والغباء صفة لها، فإنني آنذاك أوقن بأن نظاماً أرعن كهذا، يمكن أن يفعل أي شيء لأجل الحفاظ على بقائه.

آخر تصرف طازج أحمق، كان بنظري ما تناقلته الأنباء عن لجوء النظام إلى إيران لتشكيل تحالف معه وكأن تحالفاً كهذا لم يكن موجوداً من قبل!.. كل ما في الأمر أن قيام النظام بالإعلان عنه اليوم رسمياً في ظل المستجدات الأخيرة، يعني زيادة في عزلة سوريا وتصميماً على تحدي المجتمع الدولي. وبالتالي، فإنه يعني دهورة للأوضاع قد تؤدي إلى تكبيد الشعب السوري ثمن خطيئة حكامه. 

 

ترى، هل حسب النظام حساباً لما يعنيه الإعلان عن هذا التحالف بالنسبة لإسرائيل التي ما برحت تعبّر عن مخاوفها من خطر تعاظم القوة النووية لإيران؟.. الجواب على هذا التساؤل بسيط جداً. إنه يعني بأن إيران قد انتقلت إلى حدود إسرائيل، وهذا يعني بالتالي، ذريعة لإسرائيل للقيام بضربة وقائية توجهها لسورية دون الخوف من لوم المجتمع الدولي.

 

أي حمق أكثر من هذا يمكن بعد ذلك أن نصف النظام السوري به؟.. نظام أحمق كهذا، هو مؤهّل بالفعل لأن يرتكب عملاً أحمق كاغتيال رفيق الحريري.          

 

سورية تعاني من عزلة دولية وإقليمية وليس هناك في العالم من دولة تتعاطف فعلياً مع نظام الحكم القائم فيها. لا بل ليس هناك من دولة عربية ستذرف دمعة واحدة على سقوط هذا النظام. النظام الإيراني لا يختلف في هذا الخصوص عن وضع النظام السوري ولا حتى بمقدار حبة خردل؛ هو كذلك نظام معزول مكروه.  إنه تحالف يصدق فيه المثل العامي السوري القائل، "دير المفلس على المفلس ترى العجب"! ولن يكون غريباً إن تناقلت وسائل الإعلام غداً نبأ دخول كوريا الشمالية طرفاً في هذا التحالف. لا بل لن يكون غريباً ابداً أن يكتشف العالم غداً أدلة ثابتة على أن هناك تحالفاً وثيقاً قد كان قائماً منذ البدء بين هذه الأنظمة كلها وابن لادن.

 

ربما يكون إصدار الحكم على النظام السوري بتهمة اغتيال الحريري أمراً سابقاً لأوانه قبل انتهاء التحقيقات، ولكن الاعتقاد بإمكانية تورط هذا النظام بعملية الاغتيال هذه هو أمرٌ وارد جداً، بناء على نموذج الممارسات الحمقاء التي تتسم بها سياسته.  

 

لقد بدأ هذا النظام يحفر قبره بيده، ولكن علينا أن لا نسمح له بأن يجرّ معه إلى هذا القبر آلاف الأبرياء من المواطنين السوريين. لذلك، فقد آن الأوان لفئة من الضباط الأحرار الشرفاء في الجيش السوري، أن يسارعوا إلى إنقاذ أمتهم وتجنيبها مآسٍ لا تستحقها. فهل نستفيق في يوم قريب جداً على سماع صوت المذيع من دمشق يعلن لنا عن البلاغ رقم واحد؟

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط