بسام درويش / Sep 30, 2013

إذا كنا نتفق على القول بأن النظام السوري نظام فاسد آن له أن ينتقل إلى كتاب التاريخ، فماذا يمكن أن نقول عن هذه المعارضة التي يفترض أنها يجب أن تكون البديل الأفضل لهذا النظام؟

حتى الآن لم نرَ من هذه المعارضة ما يدعونا للتعاطف معها على الإطلاق. إننا لا نعرف عن رؤيتها لسورية المستقبل شيئاً واضحاً يدعونا للثقة بها أو لتأييدها.  في الواقع، إن ما نسمعه ونراه ونقرأه عنها يجعلنا نقول مُكرهين، وللأسف، بأن الموجود أفضل من الآتي.  

·       هذه المعارضة ليست فئة واحدة متماسكة إنما فرق متناحرة ذات أهداف مختلفة، وإذا قُدِّر لهذا النظام أن يسقط، فإنّ كلاً منها سيحاول إفناء الآخر، وسيؤدي الصراع بينها إلى خرابٍ أعظم وإلى مئات الآلاف من القتلى.

·       الطابع الإسلامي المتطرف هو الغالب على كل الفرق، لا بل إن بعضها قد أعلن وبكل صراحة أن الهدف من القتال هو تأسيس دولة إسلامية. وهذا يعني حرباً وقضاءً على الأقليات في بلد تشكل فيه هذه الأقليات نصف عدد سكانه تقريباً.  

·       ما يسمى بـ "الجيش الحر" ليس هو إلا غطاءً لمجموعات ذات طابع إسلامي وأسماؤها تدلّ عليها. إنّ نظرة سريعة على المنتدى الرسمي لهذا الجيش الحر تظهر طابعه الإسلامي الطائفي البغيض: لواء الإسلام؛ كتائب الأمويين؛ كتيبة معاذ؛ كتيبة الزبير بن العوام؛ كتيبة الخطاب؛ كتيبة حمزة؛ كتيبة احمد بن حنبل؛ لواء التوحيد؛ لواء اليرموك؛ لواء خالد ابن الوليد؛ كتيبة أبو عبيدة بن الجراح؛ كتيبة درع محمد؛ كتيبة أنصار السنة؛ كتيبة جنود الرحمن؛ كتيبة الله اكبر؛ كتيبة معاوية بن أبي سفيان؛ سرية عمر بن الخطاب؛ سرية أبو بكر الصديق؛ سرية علي بن أبي طالب؛ سرية أبو ذر الغفاري؛ الفجر الإسلامية؛ المهاجرون الأنصار؛ جبهة التحرير الإسلامية السورية؛ أحفاد الرسول... ومؤخراً، أعلن لواء الإسلام الذي جاء ذكره عن تشكيل "جيش الإسلام" ليشمل أكثر من أربعين لواء وكتيبة وفصيلة منها لواء الإسلام وجيش المسلمين. وعلى هذا المقياس قس...!

·       الطائفية هي الطابع الغالب على جميع قوى المعارضة المسلحة، والجرائم التي ترتكبها في المناطق التي تسيطر عليها دليل على ذلك.

·       الاعتداءات على المسيحيين وعلى قراهم وكنائسهم واختطاف كهنتهم ومطارنتهم أصبحت أخباراً يومية.

·       هذه المعارضة حولت البلد إلى ساحة صراع بين حكومات الدول الإقليمية التي لا يهمها إلا مصالحها حتى ولو تطلبت إفناء الشعب السوري بكامله. هناك قطر التي تلعب لعبة قذرة أكبر من حجمها. إيران التي تحلم بدولة الهلال الشيعي مروراً بالعراق وسوريا حتى لبنان. وتركيا أردوغان التي تحلم بالعودة إلى السيطرة على الشرق الأوسط بأكمله عبر سوريا وغزة ومصر ـ مصر التي عرف جيشها كيف ينقذها من الهوة التي كادت تقع فيها..! والسعودية التي تخشى الامتداد الإيراني الذي يهدد كيانها.

بصراحة، هذه الحركة التي بدأت شرعية محقة، لم تعُد من مصلحة الشعب السوري. لقد تحولت إلى حرب طائفية كريهة لن يكون لها نهاية حتى وإن توصلت إلى إنهاك الحكم وإسقاطه، ذلك أنها ستتحول من بعده إلى حرب بين المعتدلين وهم قلة، وبين الأكراد الذين يطمحون لدولة مستقلة، وبين العصابات الإسلامية التي لن تقبل بشيء أقل من تصفية الأقليات كلها من علوية ومسيحية وشيعية ودرزية وغيرها. علاوة على ذلك، فإن السعودية وتركيا المتفقتان الآن على إسقاط حكم الأسد والمختلفتان اختلافاً كاملاً فيما يتعلق بمصر، ستصبحان طرفي النزاع الرئيسين في سوريا بعد سقوطه.

إذا كان هناك من شيء يمكنني أن أراه مقبلاً، فهو أن هذا البلد الصغير سيصبح قريباً دويلات صغيرة، علوية، وسنية، وكردية، ودرزية، ولن يكون ضحيتها ـ كالعادة ـ إلا المسيحيون، اللهم إلا إذا جرى تقسيم لبنان أيضاً إلى ثلاث دول، شيعية، وسنية، وثالثة مسيحية تضم بعض المناطق السورية المسيحية والتي سينزح أو يُهجَّرُ إليها مسيحيو المناطق الداخلية الأخرى.

===================

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط