بسام درويش / Aug 10, 2006

هل صمد حزب الله في وجه إسرائيل أكثر مما صمد أي جيشٍ ـ أو جيوش عربية ـ في كل الحروب مع إسرائيل؟

ـ هذا واضح!

هل تواجه إسرائيل صعوباتٍ في قتالها مع حزب الله أكثر مما واجهته مع أي دولة عربية أو مع الدول العربية المحاربة كلها مجتمعةً؟

ـ هذا واضح أيضاً لأنه تحصيل حاصل!..

هل يستدعي ذلك تهليل وتصفيق الناس في الدول العربية لحزب الله، أو هل يعني ذلك أن الأمل بتحقيق نصر على إسرائيل اصبح على الأبواب؟

ـ وحدهم الغوغائيون الجهلة المغفلون يفعلون ذلك!.. ووحدهم يصدقون بذلك!

***********

الحروب الماضية التي خاضتها إسرائيل كانت مع جيوش نظامية ومع أنظمة حاكمة في الدول العربية. كانت تلك الحروب تنتهي بمجرد ضرب مطارات وثكنات تلك الدول أو بمجرد تكبيد جيوشها المحتشدة على الجبهة خسائر كبيرة، أو بالأمرين معاً، مما كان يعجّل إنهاء الحرب، ويقنع الأنظمة العربية المحاربة بالخسارة بغض النظر عن المسميات التي أطلقوها ولا زالوا يطلقونها على هزائمهم.

 

الحكومات ليست كالعصابات.

حتى ولو كانت حكومات الدول العربية دكتاتورية تعسفية، فإنها تبقى حكومات لها مسؤوليتها أمام شعوبها. لا يعقل أن تسمح بدمار البلد نهائياً. إضافةً إلى ذلك، تعرف أنها إذا ركبت رأسها حتى الجنون فإن دمار البلد يعني دمارها وانتهاء حكمها، وهذا آخر ما تتمنى حصوله بالتأكيد!.. فمن أجل الكرسي يبيع الحكام العرب أمهاتهم وأولادهم فكيف بـ "القضيّة"؟  

الحكومات العربية كانت خلال حروبها مع إسرائيل تملك اسلحة أكثر مما يملكه حزب الله اليوم. كان بإمكانها أن تطلق آلاف صواريخ الكاتيوشا على المدن الإسرائيلية وصواريخ أخطر من الكاتيوشا؛ لكنها وإذ كانت تعرف أن اسرائيل لن تتأخر عن تدمير عواصمها ومدنها الكبرى فإنها كانت تعرف حدودها التي تقف عندها. وهكذا، لم تقم سوريا ولا مصر ولا الأردن بقصف مدينة إسرائيلية، ولا قامت إسرائيل بقصف مدينة عربية. وإذا كان هناك من قصف، فقد كان لمواقع عسكرية أو مراكز مهمة داخل المدن فقط. 

 

الأمر اليوم يختلف في حرب إسرائيل مع حزب الله. هذا الحزب ليس دولة.  ليس له مسؤولية ـ أو لنُسَمِّها مسؤولية أخلاقية ولو مجازاً ـ كتلك التي تتمتع بها حكومة دولة. حزب الله لا يخشى على حكمه من السقوط لأنه ليس حكومة. وحزب الله لا يخشى على حكومة لبنان من السقوط، لا بل في الحقيقة يتمنى أن تسقط وأن تعمّ الفوضى في البلد كله. إنه ليس جيشاً نظاميا بل عصابة كبيرة والفوضى تخدم مصالحها.

الجيوش النظامية لا تلجأ إلى البيوت وأقبية المساجد وداخل المستشفيات لتحارب منها. أما حزب الله فقد بدأ حربه مع إسرائيل من بيوت المدنيين ومن أقبية المساجد ومن داخل المستشفيات. قواته ليست جيشاً إنما عصابات متفرقة هنا وهناك مختبئة في الأوكار التي تحيط بها منازل المدنيين. حزب الله يقود حرب عصابات ونصر الله نفسه قد أعلن ذلك. وهذه العصابات ليس لديها ما تخسره.  لبنان كبنية اقتصادية هو الذي يئن من الخسارة. الأبرياء الذين يعرضهم نصرالله بـ "حرب العصابات" هم الضحايا.

هذا ما يجعل من هذه الحرب حرباً أكثر صعوبة على إسرائيل من حروبها مع الجيوش النظامية للأنظمة العربية. لكنّ إسرئيل لا يمكنها أن تتحمّل حرب عصاباتٍ، لا جغرافيا ولا ديموغرافياً، ولذلك.. لن يدوم تهليل الغوغاء والأغبياء طويلاً لأنّ صبر إسرائيل أيضاً لن يدوم طويلاً، وستبثت الأيام القادمة أن نصرالله ليس فقط فقاعة كغيرها من الفقاعات التي ظهرت طوال فترة الصراع العربي الإسرائيلي إنما قد تكون الأخيرة.  

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط